تربيت في بيئة استقطابية تكفيرية، تعلّمت منهم عدم الثقة في احد، كانت دائما في ذهني وقلبي معركة البحث عن الهوية، و عشت وسط العنف والصراعات، دُمِرَت ذاتي من بيئتي وتربيتي حتى اصِبت بالاسقاط الدائم واللوم على الآخرين دون النظر الى نفسي بل اعظّمها احياناً. وبذلك كنت اشير واصر على ان السبب في كل المشاكل المحيطة هم الآخرين ولم اعد انظر وافحص نفسي، ولكن صراحة بداخلي ضعفات وسقطات كثيرة وشعور بعدم الأهلية و النقص، فكنت متحرّكاً وطالباً للإثارة وساعياً للفت إنتباه من حولي.
ترعرعت وسط اسرة منقسمة متفرقة، وفقدت ابي منذ وقت قصير، وكنت دائماً اتعصّب عندما ارى الصراعات الدائرة بين والديّ والاختلافات التي دارت بيني وبينهم، مررت بفشل ذريع دراسياً وعملياً وعلاقاتياً، واشعر دائماً بأني مهمّش في وطني وبيتي ومكان دراستي وعملي بل وعاصرت وعاينت العديد من الصراعات وعدم الاستقرار الاجتماعي، فانضممت لمجموعة لها افكار حماسية ونضالية وبطولية وخلاصية واكثر ما اسعدني وابهرني فيهم هو شعوري بأهميتي وسطهم وتأثرت سريعاً بأحكامهم وسلوكياتهم وتوجهاتهم من جرّاء احتياجي للانتماء واختلاقهم لي شعور بخطر خارجي ضدهم وضدي فلذلك انضممت لهم وتأسست جماعتهم على هذا التوجه الفكري والضغوط المحيطة ايضاً.
لم اكن مشارِكاً بأي دور بارز اشعر فيه بالمعنى والهوية والقيمة في وطني وبيتي وعملي حتى لم اجد اي تقدير إنساني لي، اكثر ما سمعته وتابعته في حياتي هو الصراعات السياسية الدائرة في كل مكان، كان يغلب عليّ الشعور بالوحدة الدائم والفشل بل واليأس احياناً. وفي بحثي عن صورتي والبطولة والعظمة انضممت لهذه الجماعة وشعرت بالسعادة والرضا معهم وكان لهم مبررات منطقية لوجودهم، إن اكثر ما كنّا نحارب لأجله هو الصراع لأجل البقاء واستعراض القوة وابراز اهميتنا ودورنا.
ملحوظة: نظرة سيكولوجية مقتبسة من بعض الابحاث النفسية حول الإرهاب والإنتحار والتطرّف والجهاد والراديكالية على هيئة قصة قصيرة مؤلفة.