التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المثلية والكتاب المقدس وحادثة فلوريدا

اعود واكتب لكم في أحد امسيات يونيه (حزيران) مرة اخرى ولكن بعد عام عن المثلية الجنسية بعدما اُرسِل لي بعض الاسئلة عن هذا الموضوع الهام والشائك وخاصةً بعد حادث اورلاندو فلوريدا الذي اعتبرته وكالات الانباء الامريكية اكبر حادث إطلاق نار حدث في تاريخ امريكا والذي اسفر عن مقتل حوالي ٥٠ شخص بملهى للمثليين في اجازة نهاية الإسبوع.
واحد اهم الاسئلة التي استقبلتها في مناقشاتي وعبر البريد الإلكتروني ومدونتي هو السؤال عن ما جاء عن المثلية بالكتاب المقدس بعهديه القديم والجديد وكيف قدّم الوحي والتعليم الإلهي هذا الموضوع وكيف ينظر له الله بل وكيف ننظر نحن لكل مثلي من حولنا.
في البداية قبل ان اخوض في الموضوع، على كل مؤمن ان يقدّم الحق بوداعة ومحبة واحد الدلائل على توصيل الحق بمحبة وشفقة هو قول الحق والتصريح بالحقيقة. وهناك فرق بين قبول الشخص وقبول الفكرة وعليّ ان اقبل واحب الكل حتى من هم اعدائي ولكن هذا لا يجعلني اقبل افكارهم وتوجهاتهم ولكني لي مرجعية ثابتة مُثبَت صحّتها وهي كلمة الله الحية الباقية الفعالة كلمة الحق التي تعلّمني حقيقة كل شيء ولكن عليّ التعمّق في دراستها بتجرّد وإخلاص ودون أي انحياز طائفي او شخصي بل ببساطة الاطفال اقرأها وادرسها واعرف فكر الله ورأيه واخلاقه واعماله وشخصيته من خلالها وتنطبع افكاره على مشاعري وسلوكياتي فأحيا حياة صحيحة سالكة بحسب الحق في تقوى وقداسة وأمانة وانضباط.
لن اخوض اليوم التفسير النفسي والطبي للمثلية ولكنّي اتعرّض فقط للنصوص المقدسة بالكتاب المقدس التي ذكرت عن المثلية وعن رأي الله فيها وعن كل الاسئلة الموجهة لنا من خلال هذه النصوص وعن السؤال عن احتمال وجود اي تناقض في هذه التعاليم والمقصود مما كُتِب في ضوء الكتاب كوحدة واحدة وليس من خلال انصاف الآيات او إستحسانات البشر التفسيرية.
في سفر التكوين سفر البدايات احد اسفار موسى الخمسة بالتوراة بالعهد القديم نرى بداية وأصل كل شيء وبالأخص في الاصحاحات الثلاثة الاولى نعرف من الخالق وماذا خلق ونظام الخلق وتقييم الخليقة ثم نرى السقوط في الخطية والكبرياء وعصيان الله وكسر الوصية الأولى ونتائج الخطية التي نرى صداها حتى اليوم من موت وتعب وظلم وشقاء وشر وفساد ولكن ليست هذه نهاية كلمة الله ولكن هناك حل إلهي أُعِد قبل تأسيس العالم في علم الله السابق للفداء والخليقة الجديدة والقيامة والتجديد والمُلك في ربنا يسوع المسيح.
نرى في الإصحاح الأول من سفر التكوين١: ٢٧ "خلق الله الإنسان على صورته.. ذكراً وأنثى خلقهم" وهذا ما صرّح به الله عن نظام الخلق وان هناك جنسين ونوعين خُلِقوا على صورة الله.
وفي العدد الذي يليه ١: ٢٨ قال لهم الله: "إثمروا واكثروا واملأوا الأرض، وأخضِعوها، وتسلّطوا..." وهنا يؤكد على ان هذين الجنسين يكمّل احدهم الآخر فيأتي الإثمار والتكاثر والعمل.
ويؤكد على هذه الفكرة ايضاً ما جاء في تكوين ٢: ١٥، ١٨، ٢٠، ٢٤ "ليس جيداً ان يكون آدم وحده فأصنع له معيناً نظيره.. لم يجد معيناً نظيره.. يترُك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً" وهنا نرى ان آدم وُضِع في الجنة ليعملها ويحفظها وان حواء كانت المعينة له نظيره، وهنا إشارة مبدأية للزواج كنظام إلهي وضعه الله في خليقته في الجنة قبل الخطية كمعيار اخلاقي صالح لكل زمان ومكان، ولا ننسى بأن الآية ٢: ٢٤ من التكوين اقتبسها يسوع في حياته على الارض في متى ١٩: ٥ ومرقس ١٠: ٧، واقتبسها ايضاً بولس في اعمق اصحاح عن معنى وغرض الزواج.
لذلك نرى بأن الله خالق العالم الحسن في تكوين ١: ٣١، ثم اخطأ الإنسان في تكوين٣: ٦، واتت الدينونة الإلهية ٣: ١٤ – ١٩، وعندما انحرف الإنسان عن المعيار الإلهي الاخلاقي روى موسى قصة تكوين ١٩ الشهيرة، وما ذكر من شرائع في اللاويين١٨ و ٢٠ وهذه دلائل على الابتعاد عن نظام الخليقة.
نرى في تكوين ١ – ٢ ٧ معايير على الاقل للزواج: الزواج عهد – الجنس في الزواج – الإنجاب في الزواج – الزواج الغيري – الزواج بواحد/واحدة – عدم زواج القريب من السلف(المحارم) – الزواج رمز وإشارة للإنجيل.
لذا علينا قبل ان نخوض في تكوين ١٩، و اللاويين ١٨: ٢٢ و ٢٠: ١٣ ان نقرأ ما جاء بسفر التكوين وخاصة اول ٣ إصحاحات عن نظام الله في الخليقة عن الإنسان والزواج.
في تكوين ١٩ يعتقد بعض المدافعين والمؤيدين للمثلية ان الخطأ الذي وقعوا فيه رجال المدينة هو عدم إضافة الملاكين. ولكن إذا رجعت لتكوين ١٨: ٢٠، ٢١ ترى ما صرّح به الله لإبراهيم عن خطيّتهم حتى قال الله: "خطيّتهم قد عظمت جداً."، ثانياً من الواضح انهم بعد وجبة المساء كانوا يطلبون ان يمارسوا الجنس كالعادة والطقس، ثالثاً كلمة "لنعرفهما" تعني في احد التراجم  HCSB  ان نمارس الجنس معهم وnkjv  نعرفهم جسدياً(راجع تكوين٤: ١)، رابعاً واخيراً يتضح بشكل ما ما كانوا يريدون ان يفعلوه بهؤلاء الرجال بإجابة لوط عنهم بأن يأخذوا بناته بدلاً من الرجلان وايضاً في استضافته وحمايته لهم. وهذه ليست الحادثة الوحيدة التي يظهر فيها الملائكة في هيئة رجال، وضربا الملاكان رجال المدينة بالعمى(في العبرية:العمى المؤقت) فلم يروا اي شيء، وآخيراً نرى في هذا الإصحاح خراب سدوم وعمورة حتى أمطر الله عليها كبريتاً وناراً من السماء ولكنه انقذ عبده لوط وارسله من وسط الإنقلاب. وهذه القصة اول إشارة للمثلية الجنسية التي ضد ما اوصى به الله في نظامه في البداية ورأينا ايضاً في هذه القصة دينونة وعقاب الله لهذه المدينة على ما ارتكبوه من كسر وتعدّي لنظام الله. صار إسم سدوم مرادف لخطية الجنس المثلي Sodomy . لم يكن الإنحراف الجنسي الخطية الوحيدة التي سبّبت سقوط المدينة ولكن يصف الله في حزقيال١٦: ٤٩ و ٥٠ خطية سدوم ب: الكبرياء والشبع من الخبز وسلام الاطمئنان(هناك قصة اخرى مشابهة لها بسفر القضاة ١٩: ٢٢).
وفي نظرة طبية مختصرة يدفعون مثليّي الجنس ثمناً غالياً لشذوذهم ويتضمّن ذلك الإصابة بالامراض التناسلية والرئوية مثل سرطان كابوزيس والإيدز، والشعور بالذنب واضطرابات عقلية وعاطفية وتغييرات غير طبيعية في الشخصية.
هناك فرق بين أن تمارس الجنس المثلي وبين ان تكون لك ميول جنسية مثلية. والممارسة هي التي يدينها الكتاب لا التوجّه.
البعض يلوم الله لأنه وُلد بهذا الميل لكن الخطأ ليس في جانب الله بل في خطية الإنسان فكل إنسان ساقط له ميول شريرة.
المثلي مثل كل شخص خاطيء فينا، يمكن ان يخلُص إذا تاب عن خطيّته وقبل الرب يسوع مخلّص شخصي له، فالله يحب المثليين حتى وإن كان يمقُت خطيّتهم، لذا ينبغي علينا ان نقبل المثليين كأشخاص بغض النظر عن طابع حياتهم لأنهم أُناس مات المسيح لأجلهم وينبغي أن نبذل كل ما بوسعنا لنربحهم لحياة التي القداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب، ويوجد خلاص من خطية المثلية كما يوجد خلاص من أي شكل من اشكال الشهوة ولكن اللجوء لمساعدة ومشورة تقوية من مختصّين أمر مهم في كل حالة لمعرفة الاسباب الطبية والنفسية والروحية والسير في خطة للحرية والتعافي.
وكلمة الرجس التي اتت عن سدوم في حزقيال ١٦: ٤٩و ٥٠ بصفة المفرد اتت مرتين في سفر اللاويين فقط في ١٨: ٢٢ و ٢٠: ١٣ وهذان النصّان تحدثا ايضاً عن المثلية.
في اللاويين ١٨: ٢٢ يقول الله: "لا تُضاجِع ذكراً مضاجعة امرأة، إنه رجسً" يقول المدافعين والمؤيدين للمثلية عن هذا النص بأنه يقصد به ان الخطية هنا تشبيه الذكر والتقليل منه في هيئة امرأة، وهذا غير متوافق مع الكتاب كله حيث يصرّح الكتاب بأن الذكر والانثى على صورة الله وليس هناك جنس اقل من الآخر.
في ترجمة MSG  Don’t have sex with a man as one does with a woman.  اي لا تمارس الجنس مع رجل كما تمارسه مع امرأة(هنا يتحدّث مع الرجال)
وهذا النص يحظر ويحرِّم المثلية بشكل واضح وصريح التي كانت مُباحة وتُمارس في العبادات الوثنية وقت كتابة هذا النص كطقس للإخصاب.
وفي اللاويين ٢٠: ١٣ يقول الرب: "وإذا اضطجع رجل مع ذكر اضطجاع امرأة، فقد فعلا كلاهما رجساً. إنهما يُقتلان. دمهما عليهما." ونرى في هذه الآية عقاب وحكم ودينونة للشريكين.
وهكذا كان حُكم الله ودينونته في العهد القديم على من يرتكب خطية المثلية الجنسية وتُعتبَر تعدّي وكسر نظام الخلق والزواج الذي وضعه وأسسه الله ولم نرى في كلمة الله اي دلائل على وجود هذه الممارسات قبل دخول الخطية.
ثم نأتي بكل إختصار لما جاء بكلمة الله في العهد القديم عن المثلية الجنسية، ولا ننسى ما اقتبسه يسوع بالاناجيل وبولس برسالة أفسس عن نظام الله في الزواج والجنس بسفر التكوين، بالاضافة ل ٦ نصوص صريحة عن المثلية والزواج في تعليم العهد الجديد وهم: رومية١: ٢٢ – ٢٧ & ١كورنثوس٦: ٩ – ١٠ & ١تيم ١: ١٠ & افسس ٥: ٢٢ – ٣٣ & يهوذا ٧ & ٢بط ٢: ٦ – ١٠.
ولا نستطيع ان نخوض كل هذه النصوص بعمق في مقال اليوم، ولكن اذا اخذنا رومية١: ٢٢ – ٢٧ الذي اعتبره الشرّاح والمفسّرين واللاهوتيين ابرز واهم واوضح نص كتابي عن المثلية، يتكلّم هذا النص عن غضب الله على جميع فجور الناس وإثمهم ويصرّح انهم بلا عذر لأن معرفة الله ظاهرة فيهم حيث اظهرها الله لهم وأموره غير المنظورة مُدركة بالمصنوعات وايضاً قدرته السرمدية ولاهوته لكنهم لم يمجّدوه ويشكروه ويعبدوه، ويصف الرسول بولس في هذا النص بأن ارتكاب الجنس المثلي احد اعمال عدم الإيمان واحد صور التعدّي على الله والوثنية. ويصرّح الرسول بكل وضوح في هذا النص بأن المثلية غير طبيعية(راجع تكوين٢: ٢٤) بجانب الخلفية التاريخية لهذا النص عما حدث من زواج الامبراطور نيرون بشاب يُدعى سبوروس بعد ان اخصاه.
وتذكر ترجمة MSG  للكتاب المقدس بالانجليزية: Refusing to know God, they soon didn’t know how to be human either – women didn’t know to be women, men didn’t know how to be men. Sexually confused, they abused and defiled one another, women with women, men with men – all lust, no love.
وتوضّح هذه الترجمة انه اذا رفضنا معرفة الله، لا نعرف كيف يكون كل واحد منّا إنسان ولا حتى نعرف هويّتنا ونوعنا. ولذلك نتجت المثلية والممارسات الجنسية الغريبة.
وفي يهوذا ٧ يدعّم ما ذكرناه في تكوين ١٩ ويذكر الله في هذا النص في العهد الجديد عن خطيّتهم ودينونتهم.
ويأتي سؤال آخير بعد ما ذكرناه من القليل والمختصر عما جاء بالكتاب المقدس عن المثلية: لماذا تعتبر هذه الممارسة رجس عند الرب؟ وقد عرفنا من كلمة الله الإجابة وهي ان قداسة الله هي التي تحدّد ما هو مقدّس وصحيح وصالح وطاهر وما هو عكس ذلك. علينا ان نرجع للكلمة فنعرف معياره الاخلاقي ونظامه الخلقي.

يُتبَع..للحديث بقية.
يمكنك الرجوع لمقالة: تقنين زواج المثليين في أمريكا - لمعرفة المزيد عن رأي الكاتب في هذا الموضوع من خلال هذا الرابط
http://samfikry.blogspot.com.eg/2015/06/blog-post_27.html

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدروس المستفادة من صليب المسيح - سام

فكرت في صباح امس ما هي الدروس التي لابد ان تظهر على المؤمنين المسيحيين الحقيقيين المدركين و المصدقين في صليب المسيح و عمله الكامل الكفاري لفداء الانسان الخاطيء الاثيم فكتبت هذه الافكار و سأطرحها في هذه التدوينة باختصار في بعض النقاط السريعة و اتمنى ان تكون بركة للكل ,, 1 - الغفران : - يعني مسح , نظافة , عفو , محو الدين , نسيان - لا يُمنح لشخص مستحق  - امثلة : مثل ما فعل المسيح على الصليب و غفرانه للذين اساءوا اليه و ايضا القديس استفانوس الذي غفر للذين رجموه في صلاته الله ارسل ابنه (المسيح) لكي يمنحنا الغفران الكامل للخطية و عقابها و هو الموت الروحي اي الانفصال عن الله و الهلاك و العذاب الابدي في النهاية - مقياس غفراننا للاخرين : كما غفر لنا المسيح - غير محدود  2 - اللطف - الشفقة - التسامح : - اللطف و الشفق : تعني الرقة و الترفّق و معاملة الاخرين بدون قسوة و خشونة و حدة , تعني ايضا تخفيف الام الناس ببشاشة الوجه و بالكلام الطيّب الرقيق المشجّع  - التسامح : عفو و حُلم - بقوّة و بدون خنوع - دون ان اتخلّى عن حقوقي - هدفهم : لأربح الاخر و ابيّن التغيير الحقيقي الذي حد...

سفر نشيد الانشاد مُوحى به من الله - مقدمة مختصرة للتوضيح

اعترف باني اقوم بتجميع هذه المعلومات و انقلها باختصار و ايجاز من شراح و مفسرين ومعلمين الكتاب المقدس و مصدري الوحيد للمراجعة هو الكتاب المقدّس المُوحى به من الله و ساكتب لكم المصادر في اخر التدوينة,, اعدكم بالايجاز و تبسيط المعلومات و ترتيبها حتى نصل للهدف الاساسي و هو شرح هدف السفر و وضع مقدمة عنه و معرفة كاتبه و شرح المفاهيم الصعبة فيه و الشُبهات الوهمية,, 1 - اسمه نشيد الأناشيد ، وأغنية الأغنيات ترجمة إسم هذا السفر في الإنجليزية : The Song of Songs. أي أنه لو اعتبرت جميع الأناشيد كلاماً عادياً، يكون هذا السفر هو نشيدها وأغنيتها.. كتبه سليمان الحكيم شعراً - هو السفر الثاني والعشرون من اسفار العهد القديم، وخامس الاسفار الشعرية ويسمى احياناً نشيد سليمان , كتب هذا السفر سليمان الحكيم، الذي وضع أناشيد كثيرة (1 مل 4: 32) 2 - الروحيون يقرأون هذا السفر، فيزدادون محبة لله. أما الجسدانيون، فيحتاجون في قراءته إلي مرشد، لئلا يسيئوا فهمه، ويخرجوا عن معناه السامي إلي معان عالمية 3 - سفر النشيد يتحدث عن المحبة الكائنة بين الله والنفس البشرية، وبين الله و الكنيسة ، في صورة الحب الكائن بين عريس وع...

مقولة من "السؤال الذي لا يغيب"-فيليب يانسي

- "رغم أن المأساة تجعلنا نتساءل بحقّ شأن الإيمان، فإنها تؤكّد الإيمان أيضاً. حقاً إنها أخبار سارة أننا لسنا منتجات فرعية غير مُخطط لها لكون غير شحصي، بل خلائق إله مُحب يريد أن يعيش معنا إلى الأبد." ‫‏ - الحزن‬ هو المكان الذي يلتقي فيه الألم والمحبة. - نحن نصرخ إلى ‏الله‬ ليفعل شيء من أجلنا، في حين أن الله يفضّل أن يعمل في داخلنا وجنباً إلى جنبٍ معنا. - ‏المعاناة‬ أفضل كتاب في مكتبتي. فيليب يانسي