في إنجيل يسوع المسيح ولاسيما ما دُوّن بحسب متى ومرقس ولوقا نرى ونفهم ونتعلّم ونعرف ما علّمنا المسيح إياه عن الزواج وعن الطلاق، وسنرى وندرك إذا كان يوجد تناقض بين تعاليمه وأقواله وتعاليم الرسول بولس التي ذكرناها بالتدوينة والفصل السابق.
وإذا كنت تريد أن ترجع لتعاليم وأقوال المسيح التي سنقوم بتفسيرها وتوضيحها وتبسيطها وتفصيلها فارجع معي إلى متى 5: 31، 32& 19 - مرقس 10 - لوقا 16.
ونتعجّب بأن ما قاله المسيح ههنا، بالتحديد في متى19 ومعظم الشواهد المذكورة، هو إجابة عن اسئلة الفريسيين، وكان السؤال الأول الموجه له هو ((هل يحِل للرجل أن يطلّق امرأته لكل سبب؟))، ثم أجابهم المسيح من الكتب المقدسة وبالأخص سفر التكوين(سفر البدايات) ومن الواضح عدم إجابته على السؤال مباشرة بل كان يهدِف ويقصِد تلميع وإبراز غرض الزواج وقصد الله فيه، مؤكداً على حقائق هامة في إقتباساته التوراتية وهي: انه لا فرق بين ذكر وأنثى، وان مفهوم الزواج يظهر في ثلاث حقائق وهم الترك والالتصاق والجسد الواحد، أي أن يترك كل شريك أباه وأمه أي يستقل عنهم مادياً واجتماعياً ونفسياً وروحياً، ويلتصق بالزوج كالغراء دون إنفصال أو مفارقة لأنه سيتمزّق كل منهما إذا حدث أي إنفصال أو طلاق وهذا يُفهم من النص في لغته الأصلية، ثم يتكوّن الجسد الواحد أي الاتحاد وإنكار الذات وخدمة كل منهما الآخر والحفاظ على الزواج من أي أزمة أو تمزّق أو ضعف أو فتور في أمانة وحرص على الخصوصية واهتمام كل واحد باحتياجات الآخر قبل احتياجاته وخدمته والتوافق في كل الأمور وقبل أي قرار. ويؤكد في ختام هذا الجزء بأن معجزة وسر الجسد الواحد الذي يعمله الله في قلب الرجل وامرأته لا يستطيع أن يفرّقه ويمزّقه أي إنسان.
ثم سألوه ايضاً عن جواز الطلاق من عدمه وعما كتب موسى في الشرائع عن الطلاق، فأجابهم السيد المسيح مؤكداً على أن هذه الحالات استثنائية لقساوة وغلاظة القلوب، وهي ليست من خطة الله الأصلية، ثم أكد على ذلك بتعليم و وصية هامة بأنه سيزني كل من يطلّق امرأته ويتزوّج بأخرى، و وضع استثناء واحد للطلاق وهو إذا ارتكبت المرأة الزنا. وهذا ما أكده ايضاً في عظة الجبل في متى 5: 31، 32.
ثم سأله تلاميذه عن سبب الزواج، مؤكدين عدم موافقتهم على الزواج في هذه الشروط والتعاليم، فأجابهم يسوع بأنه ليس الكل ناضج كفاية ليتزوّج فهو بحاجة لنعمة وبديهة خاصة، فالزواج ليس للكل، فهناك أناس منذ ولادتهم حتى اليوم لم يفكّروا بالزواج، وآخرون لم يُسألوا أو يوافقوا على الزواج، وآخرون لم يقرّروا أن يتزوّجوا لأجل عمل وخدمة الملكوت، ولكن إذا كانوا قادرون على النضوج لتحمّل مسئولية وثقل الزواج فليتزوجوا.
وهذا يتناسب مع ما ذكر بإنجيل يسوع المسيح بحسب مرقُس ولوقا ايضاً، لذا لا نرى أي تناقض بين تعاليم المسيح والرسول بولس عن الزواج، بل توافق وتكامل مع مراعاة الحالات الاستثنائية و الفرق بين الاراء البشرية والتعاليم الإلهية.
للحديث بقية .. يُتبَع.