جئت لأكتب وأصارحكم اليوم عن معاناتي من هذا الموقع الخطير الساذج الذي نتابعه حتى وصلت درجة متابعة البعض إلى الإدمان حتى قلّت طاقتنا الإنتاجية والإبداعية وتأثيرنا الروحي والإجتماعي وأخشى من عواقب الإفراط في متابعته حتى يصل الأمر لحدوث كوارث أسرية وجرائم أخلاقية حتى الغرق والوقوع في دائرة الإحباط واليأس والفشل والسلبية،
فأرى اليوم "فيسبوك" ليس موقعاً للتواصل الإجتماعي، بل أصبح كدفتر للأحوال الإجتماعية ودار للمناسبات ونشرة للأخبار المُسّرة والمُفجِعة والأصعب بأنه صار دار للعبادة فهناك من ينشر صلاته ومن يبلغنا عن صومه وخلوته وخدمته حتى وصل الأمر بأن هناك الكثير مما أعرفهم واتابعهم لا يذهبون لكنيسة محلية أو للاجتماعات الكنسية أو لقراءة الكلمة الكتابية لأنه اقتصرت حياتهم الروحية على متابعة الآيات والعظات والأقوال والحكم المنشورة على هيئة صور أو فيديوهات أو المسموعة أو المكتوبة، بالاضافة لأن هذا الموقع صار ايضاً محلاً لإنتقاد وإدانة الآخرين والحكم عليهم والإشهار بهم في بعض الأحيان والنظر في عيوبهم بطرق مقصودة وغير مقصودة، و وصل الموقع اليوم لنسبة عالية من المتابعين بل والمدمنين أيضاً ويمكنك ملاحظة ذلك في شعب كشعبنا المصري حيث انه لا يقضي وقت فراغه بل وأحياناً يضيع وقت راحته واسترخاءه في متابعة الجديد في فيسبوك وأخبار الناس والتنقّل بين صناديق الدردشة الخاصة لبث ونشر كلام واسلوب واحياناً شخصيات افتراضية ناهيك عن الدوافع والانفعالات والمشاعر والاحاديث الخيالية الوهمية التي من وراءها نوايا تبدو غير مهذّبة ومقدّسة تصل أحياناً لتجسّس خصوصيات وحريات الآخرين حتى وصلت لتهديد البعض وسبّه وأمور أخرى ذكرها أيضاً قبيح،
وبالنظرة العلمية النفسية وراء ما طرحناه الآن نرى فراغ روحي وإحباط نفسي ويأس إجتماعي وفشل علاقاتي ونقص الحب وإنعدام الإنسانية وإنحدار المباديء وإضطراب الأمن والاقتصاد وعقم روحي وإبداعي وجوع وظمأ للهوية وبحث عن القيمة والقبول وانتظار رجاء وأمل وخراب أسري ودمار تربوي وفساد مالي و..إلخ
والسبب الرئيسي وراء كل هذا، في "الأيام الأخيرة"، هو سقوط البشرية وفسادها ومانتج عن ذلك من شر أخلاقي وأرض ملعونة وإضطراب علاقاتي رأسي بالإله وأفقي بكل إنسان، والعلاج في معرفة الله الحقيقية وليست العقلية الدينية النظرية بل الروحية الإختبارية اليومية، عندئذ سنعرف هويّتنا وندرك قيمتنا ونفهم غرضنا ويلمع أمامنا الرجاء الحقيقي ونثق ونتكل على إله عادل رحيم مُحِب ويبغض ويدين الشر فنخشاه ونتقيه في حياتنا الخفية ونعبده بقلب كامل ونفس راغبة ونخدمه فقط لنمجّده ونكرمه حباً فيه كما أحبنا أولاً وسيكفينا أننا مقبولين ومحبوبين عنده حتى في وقت فراغنا وعزلتنا و وحدتنا سنشعر بوجوده ونختبر حضوره ونستمتع بكلامه وأقواله التي سندرسها بعمق ونتعلّق بمن حولنا مؤثرين فيهم بحياة يُرى فيها تجديد وتغيير لحظي ويومي وشفاء روحي ونفسي ويرتبط فيها ما نقوله بما نحياه ونعيشه، فنتدرّب ونختبر الغفران ونحب بغير شروط، ونقدّس ونكرم الزواج ونهتم بالأسرة ونمارس مواطنتنا بإيجابية وفعالية ونعترف بعضنا لبعض بالزلّات ونتضع أمام الله ونغسل أرجل بعضنا البعض فنحب بعض ونكون تلاميذ المسيح ونتبعه عن قرب ونختبر قوة قيامته ولا نخشى ونخجل من شركة آلامه وفي حياتنا نكون متشبّهين بموته فنموت عن الخطية والذات والشهوات ونحيا للبر ويضيء نورنا هكذا قدام الناس فيروا أعمالنا الحسنة ويمجّدوا أبانا الذي في السموات.
من فضلك تعلّم من اليوم ضبط نفسك، واغلق هذا الموقع لوقت قصير وافعل شيء إيجابي آخر ولا تضع أوقاتك ههنا مرة أخرى،
Don't Waste Your Life!