كنت اتردّد في
كتابة هذه القصة الواقعية التي سمعتها وتابعتها من أحدهم عن تعرّضه في طفولته
لإيذاء وإعتداء وتحرّش جنسي أكثر من مرة، ولكن لإنتشار الظاهرة في مجتمعنا بالرغم
من كثرة القوانين والتديّن الظاهري الشكلي ولشغفي بالطب النفسي والتحليل الروحي
إضطررت وفي هذا الوقت لسرد أحداثها بكل واقعية واختصار وبحرص على عدم ذكر إسم الذي
تعرّض لهذا الأذى وليست بكل التفاصيل حرصاً على الخصوصية والسرية والمهنية في
تناول هذه الأمور، وسبق لي أن كتبت في مدونتي هنا عن أسباب التحرّش الجنسي ونسبه
يمكنك العودة لها بأي وقت، لذا دعونا نبدأ معاً في قصتنا.
يتردّد في ذهن
صديقي حتى اليوم وقد يظهر ذلك ايضاً على تصرفاته وأفكاره ما حدث له في طفولته
البريئة التي افترستها واقتنصتها شراسة التحرش الجسدي والعنف والإيذاء الجنسي، ففي
طفولته كان أهله يتركونه لأحد الجيران لإعالته والإعتناء به لإنشغال والده و
والدته بأعمالهم اليومية، وفي يوم من الأيام استفردت به ابنة الجيران في منزله
وطلبت منه طلباً غريباً أن يتعرّى من كل ملابسه وليس ذلك فحسب بل أن يساعدها هي
ايضاً في التجرّد من ملابسها بأكملها، والجدير بالذكر انه كان وقتها في السابعة أو
الثامنة وهي في الثالثة عشر من العمر تقريباً، ثم بعد ذلك ضربته وصرخت في وجه لكي
يداعب جسدها ويلامس أعضائها التناسلية واخذت تجبره على فعل اشياء لا يفهمها ولم
يراها ويسمع عنها ويختبرها من قبل حتى وصل الأمر منها إلى إجباره على ممارسة
العلاقة الحميمة معه وتعليمه أساليبها وأوضاعها بكل جرأة وإستباحة، وتكرّرت هذه
الأمور بينهما أكثر من مرة دون علم الوالدين وأهلها، وكبر الطفل والمراهقة حتى
وصلا للرشد والبلوغ الكافي وارتبطت الفتاة بزوج وانتهى الطفل من دراسته الجامعية
ولكن كانت هذه المواقف تراوده في ذهنه في كل ليلة تقريباً وتستدعي أحياناً تخيّلات
ومشاهد تشعره بالذنب والاكتئاب واحياناً بالإثارة، حتى جاء اليوم الذي تجرّأ فيه بالاتصال
بها ليصارحها بما تم بينهما وانه يريد أن يغفر لها ذلك وأن تنسى هذا الأمر إذا كان
يؤثّر عليها في أحلامها وحياتها الإجتماعية وحالتها النفسية. واتصل بها في أحد
الليالي وصارحها بما حدث بينهما في الماضي بكل إختصار وبأسلوب مهذّب وتفاجىء بأنها
لم تكن تتذكّر هذا تماماً ولكنه علم منها بأنها تتردّد على أحد الأطباء النفسيين
لمعاناتها من مشاكل إجتماعية وعاطفية ونفسية وإضطرابات الشخصية والأكل وعرف منها
شيئاً مفاجئاً لم يكن يعلمه، وهو بأنها كانت ضحيّة قبله لتعرّضها للإيذاء والعنف
الجسدي والتحرّش الجنسي بها في طفولتها وبراءتها وكانت تُجبَر على ذلك بسادية
وقسوة وشتم و وحشية، وابلغته بأنه يتم التعافي من اضطراباتها ومشاكلها النفسية
والشخصية الآن واعتذرت له وطلبت منه الغفران ونسيان ما حدث، ولم تنتهي القصة بذلك
بل ايضاً الآن هم يعملان معاً في خدمات روحية وإجتماعية لمساعدة من يتعرّض لما
تعرّضوا له في طفولتها بإرشاد ومشورة نفسية و روحية وإجتماعية بالاحتضان والتشجيع
والصداقة والخصوصية والحب الحقيقي الغير مشروط الذي لن يفشل أبداً في شفاء المجروحين
والمتألّمين والمتضايقين والذين لديهم تجارب صعبة في هذه الأمور، وهذا الشخص
أبلغني سعادته بالشفاء المعجزي الإلهي له ولمن اعتدت عليه واختباره الغفران والحب
الحقيقي الذي نبعه الله وحده الذي طبيعته المحبة المطلقة والذي يقبل ويغفر ويرحم
ويسامح ويشفي أشرّ الأشرار والزناة والظالمين والخطاة والإرهابيين، اتمنى أن تكون
هذه القصة رسالة تشجيعية جديدة لنا وشعلة أمل ونور ورجاء وحياة في هذا العالم
المليء بالشر والظلم واليأس والموت والخوف.
يوجد رجاء وشفاء
وعزاء لك، مهما كانت حالتك وظروفك وقصّتك، الله يحبّك!