التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المسيحية الحقيقية أمام داعش في ليبيا

"يارب يسوع!" هذه صرخة ضحايا الظُلم والعنف والقسوة والحيوانية الداعشية، وهذه آخر كلمات تفوّه بها هؤلاء الشهداء الذين رفضوا إنكار مسيحهم وإيمانهم طوعاً وباختيارهم حتى الموت وقطع رقابهم، ولكن حتى متى يارب؟!
حتى متى يُضطّهد الذي يريد أن يعيش بالتقوى فيك ومعك، ويُفترى على السالك بأمانة واستقامة، ويتألّم ويُظلَم البار والصالح، ويُشتَم ويُهان التقي الصدّيق، ويُحسَد الأمين والحليم، ويُعتدى على الفقير والمحتاج، ويُغتصَب المسكين وصاحب البلايا؟
حتى متى يستشرى العنف والحقد والقتل والاغتصاب والقسوة والظلم والفساد والانحراف الاخلاقي والطائفية والدماء؟
وأعلن،وبفخر، إندهاشي وتعجّبي من المسيحية، فهي تقدّم الحب والغفران والحق حتى إذا كلّفت اتباعها إستشهادهم وقتلهم وقطع رقابهم ورؤوسهم، والأعجب بأنها لا تملك سلاحاً منظوراً للإعتداء على النفوس والبشر ولا تنتقم لنفسها ولا تحيا بناموس"عينٌ بعين،وسنٌ بسن"، ولا تقاتل وتحارب الأعداء، بل تتشبّه بمسيحها الذي كان يُسلِّم لمن يقضي بعدل فإذ شُتِم لم يكن يشتِم عوضاً وإذ تألّم لم يكن يهدّد ولا يصيح ولا يرفع ولا يُسمع في الشارع صوته، ولازلت اعاين واختبر قوة وتأثير مسيحيّتنا بقوة روح الله الذي ينخس كل قلب وضمير وروعة كلمة الله التي تتكلّم لكل نفس وصدق المحبة الإلهية التي ننقلها لكل حزين ومضطرب ومكتئب ومحتاج ومسكين ومعذّب الضمير ومنكسر ومنحني ومتألّم ومتشكّك ومنبوذ ومرفوض، فلم أرى مسيحيّاً حقيقيّاً يرد بالمثل ويثأر وينتقم لمن اعتدوا عليه، ولم أرى مسيحيّاً يغضب ويستخدم العنف والقسوة تجاه مضايقيه، ولم أرى مسيحيّاً يشتم ويذبح ويقتل ويهلك وهذا لأنه يتبع رب الحياة والحياة نفسها والذي فيه كانت الحياة والذي يُحيي كل ميّت روحياً وأدبياً ويقيمه ويخلق فيه قلباً جديداً وإنساناً جديداً بفداءه وخلاصه المقدّم مجاناً للتغيير والتطهير بالتوبة والإيمان، ولكننا لا نتبع شريعة القتّال منذ البدء(الشيطان)الذي يأتي ليسرق ويذبح ويهلك ولكننا نتبع من أتى لتكون لنا الحياة وليكن لنا أفضل، فلا نخاف ونرتاع من الذي يقتلون الجسد فهم غير قادرون على هلاك النفس وقتلها فالنفس خالدة لتعود لربها وتحيا معه للأبد وكلّنا في إشتياق لملاقاة الرب ونستمتع من الآن في الحياة الأبدية معه بمعرفته الإختبارية والإيمانية منتظرين سرعة مجيئه، وإن كنّا لا نثأر وننتقم ونقتل ونغضب لكن في ذات الوقت نطلب المغفرة والرحمة من رب السماء لكل إنسان غارق في الضلال والتيه والعدم والخرافات والأكاذيب والشر والفساد لينعم الله عليه ويقبله ويطهّره ويخلّصه من عذاب الضمير بل والعذاب الأبدي الذي ينتظر كل من اختاروا وقبلوا تبعية واعتناق الشرائع الإبليسية الغير إنسانية والأكاذيب والأوهام الشهوانية الحيوانية والضلالات والهلاوس والأفكار المتناقضة والغير منطقية فيتوبوا عن شرّهم وابتعادهم عن الحق فيرجعوا ببساطة الأطفال لرب الحياة والمسيح الذي فيه الحياة ويؤمنوا به ويختبروا قوّة خلاصه وفداءه وتحريره لهم من كل عبودية شيطانية، فيعرفون الحق والحق يُحرّرهم.
أصلّي من كل قلبي أن يستثمر ويستخدم الله هذه الظروف العصيبة الصعبة لخلاص الخطاة والمساكين والبعيدين، ويعزّي أسر الضحايا والشهداء المصريين، ويشجّع ويبني ويرسل رسالة صحوة ونهضة لقلوب المؤمنين فننتصب ونرفع رؤوسنا لأن نجاتنا تقترب ونعلم ونثق بأن الذي معنا قد غلب العالم وسيسحق إبليس تحت أقدامنا سريعاً، فنقوم ونبني ونشهد عن الحق بكل جرأة وجهارة ونقبل ونرحم الضعفاء ونغفر للمذنبين ونحب الأعداء ونصلّي لأجل المسيئين إلينا ونبارك الذين يلعنونا وننتظر بإشتياق ولهفة واستعداد قلبي وحياتي مجيء ربنا يسوع المسيح وفداء الأجساد والسماء الجديدة والأرض الجديدة وملكه وتجديده وإسترداده لكل شيء.
الرب قريب!
#شهداء_مصر_في_ليبيا #مصر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدروس المستفادة من صليب المسيح - سام

فكرت في صباح امس ما هي الدروس التي لابد ان تظهر على المؤمنين المسيحيين الحقيقيين المدركين و المصدقين في صليب المسيح و عمله الكامل الكفاري لفداء الانسان الخاطيء الاثيم فكتبت هذه الافكار و سأطرحها في هذه التدوينة باختصار في بعض النقاط السريعة و اتمنى ان تكون بركة للكل ,, 1 - الغفران : - يعني مسح , نظافة , عفو , محو الدين , نسيان - لا يُمنح لشخص مستحق  - امثلة : مثل ما فعل المسيح على الصليب و غفرانه للذين اساءوا اليه و ايضا القديس استفانوس الذي غفر للذين رجموه في صلاته الله ارسل ابنه (المسيح) لكي يمنحنا الغفران الكامل للخطية و عقابها و هو الموت الروحي اي الانفصال عن الله و الهلاك و العذاب الابدي في النهاية - مقياس غفراننا للاخرين : كما غفر لنا المسيح - غير محدود  2 - اللطف - الشفقة - التسامح : - اللطف و الشفق : تعني الرقة و الترفّق و معاملة الاخرين بدون قسوة و خشونة و حدة , تعني ايضا تخفيف الام الناس ببشاشة الوجه و بالكلام الطيّب الرقيق المشجّع  - التسامح : عفو و حُلم - بقوّة و بدون خنوع - دون ان اتخلّى عن حقوقي - هدفهم : لأربح الاخر و ابيّن التغيير الحقيقي الذي حد...

سفر نشيد الانشاد مُوحى به من الله - مقدمة مختصرة للتوضيح

اعترف باني اقوم بتجميع هذه المعلومات و انقلها باختصار و ايجاز من شراح و مفسرين ومعلمين الكتاب المقدس و مصدري الوحيد للمراجعة هو الكتاب المقدّس المُوحى به من الله و ساكتب لكم المصادر في اخر التدوينة,, اعدكم بالايجاز و تبسيط المعلومات و ترتيبها حتى نصل للهدف الاساسي و هو شرح هدف السفر و وضع مقدمة عنه و معرفة كاتبه و شرح المفاهيم الصعبة فيه و الشُبهات الوهمية,, 1 - اسمه نشيد الأناشيد ، وأغنية الأغنيات ترجمة إسم هذا السفر في الإنجليزية : The Song of Songs. أي أنه لو اعتبرت جميع الأناشيد كلاماً عادياً، يكون هذا السفر هو نشيدها وأغنيتها.. كتبه سليمان الحكيم شعراً - هو السفر الثاني والعشرون من اسفار العهد القديم، وخامس الاسفار الشعرية ويسمى احياناً نشيد سليمان , كتب هذا السفر سليمان الحكيم، الذي وضع أناشيد كثيرة (1 مل 4: 32) 2 - الروحيون يقرأون هذا السفر، فيزدادون محبة لله. أما الجسدانيون، فيحتاجون في قراءته إلي مرشد، لئلا يسيئوا فهمه، ويخرجوا عن معناه السامي إلي معان عالمية 3 - سفر النشيد يتحدث عن المحبة الكائنة بين الله والنفس البشرية، وبين الله و الكنيسة ، في صورة الحب الكائن بين عريس وع...

مقولة من "السؤال الذي لا يغيب"-فيليب يانسي

- "رغم أن المأساة تجعلنا نتساءل بحقّ شأن الإيمان، فإنها تؤكّد الإيمان أيضاً. حقاً إنها أخبار سارة أننا لسنا منتجات فرعية غير مُخطط لها لكون غير شحصي، بل خلائق إله مُحب يريد أن يعيش معنا إلى الأبد." ‫‏ - الحزن‬ هو المكان الذي يلتقي فيه الألم والمحبة. - نحن نصرخ إلى ‏الله‬ ليفعل شيء من أجلنا، في حين أن الله يفضّل أن يعمل في داخلنا وجنباً إلى جنبٍ معنا. - ‏المعاناة‬ أفضل كتاب في مكتبتي. فيليب يانسي