التخطي إلى المحتوى الرئيسي

رواية مذكرات خادم مراهق - الفصل الرابع - فتاة ثائرة في عصر التديّن والإلحاد

في أحد الأمسيّات،وبعد انتهاء دراستي اليومية للطب البشري،ذهب للنوم على سريري الخاص،وكالعادة قبل النوم اتابع آخر أخبار مواقع التواصل الإجتماعي وخاصة تويتر والبريد الإلكتروني الخاص بي،ورأيت رسالة جديدة من أحد المتابعين اسمها "سارة" على تويتر،وهي مسلمة من الخليج،وتطلب منّي إنجيل ولو في أحد المواقع الإلكترونية نظراً لصعوبة الحصول عليه في هذه البلاد وفي منزلها.فرّحبت برسالتها وشكرتها على التواصل معي وأرسلت لها أحد المواقع التي تحتوي على الإنجيل من خلال بحثي عنه بموقع جوجل.ولكنّي كان لديّ تطفّل لمعرفة قصتها وحياتها،ولماذا هي تريد قراءة الإنجيل بالرغم من الإدعاء بتحريفه في أقوال وكتابات المسلمين عبر التاريخ بالرغم من وصفه بالذِكر بجانب التوراة والزبور،لذا قامت بإضافتي عبر أحد التطبيقات التي يمكنك من خلالها الاتصال والدردشة ايضاً،وسألتها عن قصّتها وتفاصيل حياتها،فقالت لي أنا مهاجرة من دولة لأخرى نظراً للأحوال الأمنية والاقتصادية الصعبة في مسقط رأسي،وأشعر بعدم الأمان هنا ايضاً نظراً لصعوبة وقساوة التعامل مع المرأة والإنسان بوجه عام،فأنا هنا مجرّد امرأة ناقصة عقل ودين،ولا يُتاح لي إرتداء زي معيّن أو إظهار شعري ورأسي أو حتى أصابع يديّ وعينيّ،بالاضافة إلى قوانين قسرية تمنع قيادة المرأة للسيارة وتمنع إتجاهها للعمل العام والإدارة وتخصّص لها وظائف معيّنة ليست مناسبة لها في كل الأوقات وربما لا يفضّل الأسرة والمجتمع هناك عملها فتبقى ربّة منزل طوال عمرها دون أن يكون لها علاقات إجتماعية سويّة مع المجتمع وأسرتها سوى مع زوجها وأولادها،وما أدراك بصعوبة العمل المنزلي وإدارة الأسرة في كثرة الإنجاب وتعدّد الزوجات وعدم معاونة الزوج لزوجته في أي أمر يتعلّق بالمنزل،وتتعرّض شخصية المرأة هناك للعقد النفسية والمرض النفسي نظراً للحياة بفتاوى الحلال والحرام دون العمق والوعي والمنطقية والتعليم المتطوّر والتثقيف الفكري،والحياة المتمركزة والمتقوقعة حول الذات والأسرة والزوج،بل وحتى زوجها ربما لم يكن لها علم به وربما لم تكن ترضى عليه بل أُجبِرَت على الارتباط به للضغط الأسري المبني على الجهل المعتمِد على العادات والتقاليد والمبني على مراعاة صيت الأسرة من المحيطين والمبني على الأمثال الشعبية العتيقة،والتي لا تُصيب في بعض الأحيان وتحتاج المراجعة الدقيقة الواقعية،
وحدّثتني عن مغامراتها الحياتية بين أسرتها وزملائها في الدراسة وبين كتبها الفلسفية والأدبية والتاريخية والعلمية والروحية نظراً لحبّها للقراءة،وما تفاجئت به هو أنها لا دينيّة الآن بعد مراجعتها وقراءتها للنصوص الدينية وتاريخ الدين في الماضي وحتى اليوم،بل واعترافها بعدم وجود إجابات كافية وشافية لأهم أسئلة الحياة فيها مثل:لماذا أنا هنا؟ من هو الإنسان؟ ما هو معنى الحياة؟ ما هي القيمة والهوية الذاتية؟وما هو تعريف الإنسانية؟ وما هي صفات الله الأصيلة المطلقة الغير قابلة للتغيير والمنطبقة على النصوص الدينية بلا تناقض نصّي و واقعي؟ وكيف يعرف الإنسان ويؤمن بوجود الإله؟
وأكثر ما كان يشغلها وقتها هو السؤال: لماذا يتسم تاريخ الأديان في العالم بالقسوة والعنف والقتل والحروب والدماء والدمار والطائفية؟
وهل الله في ديانة معيّنة؟ وأين الله في وسط الشر والمعاناة التي يتعرّض الله البشر اليوم من مجاعات وحروب وأوبئة وكوارث طبيعية؟
وكيف نؤمن بإله ثابت تتغيّر رسالاته كل عدّة قرون؟ ولماذا لا ينطبق أقوال الدعاة والمشايخ مع واقعنا العملي الحياتي اليومي؟ ولماذا توجد الكثير من التناقضات النصيّة في الكتب المقدسة؟ واسئلة أخرى كثيرة لن أستطع كتابتها بأكملها.
وبعد أن عرِفت قصتها،تفاجأت بصِغر سنّها حيث أنها في بداية مراهقتها،وقرأت الكثير من الروايات والتفاسير الدينية والكتب العلمية والتاريخية بالعربية والإنجليزية في بعض الأحيان ولم تتوقّف في وقت من الأوقات عن القراءة والبحث والإطلاع وكل يوم أرى فيها عقلاً يبحث بجرأة وعمق عن الإستنارة رافضاً الكسل والجُبن والجهل المقدّس وفاحصاً لكل النصوص والقراءات والكتابات وناقداً ومفكّراً وفيلسوفاً يبحث فيما وراء الأشياء متخطيّا بجرأة الخطوط الحمراء،وفي معنى وقيمة الحياة وفي مرجعيّة الاخلاق وقيمة الإنسانية و أهميّة العِلم للتفكير في كيفية خلق كل شيء وأصله دون وجود إرتباط بين العِلم والدين بل أحياناً في تناقض مع بعض النصوص الدينية التي قرأتها.
ثم تجرّأت وسألتها لماذا تريدين قراءة الإنجيل والإطلاع عليه؟ ولماذا لا تبحثِ عنه مباشرةً عبر جوجل،فأجابتني:لأنّي أعجِبت بكتاباتك وأفكارك بالرغم من إيمانك المسيحي،لذا اتجهت لطلبه منكَ بكل صراحة و وضوح لمعرفة المزيد من المعلومات عن الدين المسيحي وعن الإنجيل وعن تاريخ الدين المسيحي الذي يرتبط في بعض الأحيان بالحروب الصليبية وخلط الدين بالسياسة وحروب العهد القديم في التوراة وعن احتواء كتابك المقدّس عن 4 اناجيل.
كانت تجرّبة رائعة لي أن اتصل واتعرّف على فتاة ثائرة كهذه الفتاة،أعجبني أسلوب تفكيرها واحترامها للعقائد والأفكار حتى التي تركتها أورفضتها،مع عزمها واستمرارها في البحث بجديّة وإخلاص والاستفادة من كل برنامج وكتاب ومقالة ورواية تخُص اسئلتها وأفكارها ومايدور بفكرها ويصيبها بالحيرة  والشك والبحث عن معنى وغرض الحياة.
لم تنتهي القصة بعد،وللحديث بقيّة في فصل آخر من روايتنا، ولكن اكتفي بهذا القدر هنا لكي لا أطيل عليكم،متمنيّا بذلك ان اكون قد أرسلت لكم رسالة هامة وجديدة وخاصة عن حياة التشكّك والإلحاد المعاصر الذي نتعرّض له اليوم في مجتمعاتنا العربية والشرقية،وما علينا سوى احترام الافكار والعقائد، والبحث والفحص بعمق، وتأويل النصوص الدينية، ومراجعة تاريخ كتابتها وصحتها، مع دراستنا لجميع الأفكار والنظريات والديانات البشرية التي تبحث في وجود إله وفي معنى الحياة وفي قيمة وهوية وأصل الإنسان، ولا نكتفي بمصدر واحد بل نعمل العقل بحيادية مع البساطة والإخلاص مقتنعين بمحدوديّتنا وعدم كمالنا واحتمالية وقوعنا في اخطاء ومغالطات ومسلّمات غير منطقية ولا تمت بالواقع الحياتي والعملي والروحي بصلة، غير مستسلمين للجهل المقدّس والظلامية والكسل والجبن.

(ملحوظة:اقدّم احترامي وتقديري لجميع الديانات والأفكار والعقائد،ولا أقصد اهانة فكرة أو شخص، ولكنّي اتحدّث عن قصة واقعية فقط)

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدروس المستفادة من صليب المسيح - سام

فكرت في صباح امس ما هي الدروس التي لابد ان تظهر على المؤمنين المسيحيين الحقيقيين المدركين و المصدقين في صليب المسيح و عمله الكامل الكفاري لفداء الانسان الخاطيء الاثيم فكتبت هذه الافكار و سأطرحها في هذه التدوينة باختصار في بعض النقاط السريعة و اتمنى ان تكون بركة للكل ,, 1 - الغفران : - يعني مسح , نظافة , عفو , محو الدين , نسيان - لا يُمنح لشخص مستحق  - امثلة : مثل ما فعل المسيح على الصليب و غفرانه للذين اساءوا اليه و ايضا القديس استفانوس الذي غفر للذين رجموه في صلاته الله ارسل ابنه (المسيح) لكي يمنحنا الغفران الكامل للخطية و عقابها و هو الموت الروحي اي الانفصال عن الله و الهلاك و العذاب الابدي في النهاية - مقياس غفراننا للاخرين : كما غفر لنا المسيح - غير محدود  2 - اللطف - الشفقة - التسامح : - اللطف و الشفق : تعني الرقة و الترفّق و معاملة الاخرين بدون قسوة و خشونة و حدة , تعني ايضا تخفيف الام الناس ببشاشة الوجه و بالكلام الطيّب الرقيق المشجّع  - التسامح : عفو و حُلم - بقوّة و بدون خنوع - دون ان اتخلّى عن حقوقي - هدفهم : لأربح الاخر و ابيّن التغيير الحقيقي الذي حد...

سفر نشيد الانشاد مُوحى به من الله - مقدمة مختصرة للتوضيح

اعترف باني اقوم بتجميع هذه المعلومات و انقلها باختصار و ايجاز من شراح و مفسرين ومعلمين الكتاب المقدس و مصدري الوحيد للمراجعة هو الكتاب المقدّس المُوحى به من الله و ساكتب لكم المصادر في اخر التدوينة,, اعدكم بالايجاز و تبسيط المعلومات و ترتيبها حتى نصل للهدف الاساسي و هو شرح هدف السفر و وضع مقدمة عنه و معرفة كاتبه و شرح المفاهيم الصعبة فيه و الشُبهات الوهمية,, 1 - اسمه نشيد الأناشيد ، وأغنية الأغنيات ترجمة إسم هذا السفر في الإنجليزية : The Song of Songs. أي أنه لو اعتبرت جميع الأناشيد كلاماً عادياً، يكون هذا السفر هو نشيدها وأغنيتها.. كتبه سليمان الحكيم شعراً - هو السفر الثاني والعشرون من اسفار العهد القديم، وخامس الاسفار الشعرية ويسمى احياناً نشيد سليمان , كتب هذا السفر سليمان الحكيم، الذي وضع أناشيد كثيرة (1 مل 4: 32) 2 - الروحيون يقرأون هذا السفر، فيزدادون محبة لله. أما الجسدانيون، فيحتاجون في قراءته إلي مرشد، لئلا يسيئوا فهمه، ويخرجوا عن معناه السامي إلي معان عالمية 3 - سفر النشيد يتحدث عن المحبة الكائنة بين الله والنفس البشرية، وبين الله و الكنيسة ، في صورة الحب الكائن بين عريس وع...

مقولة من "السؤال الذي لا يغيب"-فيليب يانسي

- "رغم أن المأساة تجعلنا نتساءل بحقّ شأن الإيمان، فإنها تؤكّد الإيمان أيضاً. حقاً إنها أخبار سارة أننا لسنا منتجات فرعية غير مُخطط لها لكون غير شحصي، بل خلائق إله مُحب يريد أن يعيش معنا إلى الأبد." ‫‏ - الحزن‬ هو المكان الذي يلتقي فيه الألم والمحبة. - نحن نصرخ إلى ‏الله‬ ليفعل شيء من أجلنا، في حين أن الله يفضّل أن يعمل في داخلنا وجنباً إلى جنبٍ معنا. - ‏المعاناة‬ أفضل كتاب في مكتبتي. فيليب يانسي