استيقظت
ظهراً نظراً لتعبي الشديد طوال الاسبوع الماضي بكامله في الدراسة والذهاب مبكراً
لجامعتي، وكالعادة ذهبت لهاتفي المحمول أولاً وقبل أي شيء للإطلاع على التنبيهات
والرسائل والمكالمات و وجدت التالي:
رسالة
فايبر من أحد الشباب
رسالة
واتسآب من أحد الشابات
رسالة
نصيّة من أمي
وأخيراً
.. مكالمة لم يُرَد عليها من أحد الخدام بأحد الكنائس
ففكّرت
من منهم سيحظى بنصيب اهتمامي به والرد المبكّر عليه، واتخذت قراري بالرد على
الشابة الجميلة التي أرسلت لي وهي تسألني عن سبب غيابي عن فسحتهم مع باقي الزملاء،
واجبتها معتذراً عن غيابي نظراً لاهتماماتي الكثيرة وثقل الحمل الدراسي عليّ
وصعوبة التحصيل في وسط الاسبوع، وكالعادة في نهاية رسالتي لها كتبت: افتقدِك
وشكراً لرسالتك (بالانجليزيّة طبعاً وانتم أولى العارفون بما أقصُد)،ثم بعدها
اتجهت للرد على أمي لحاجتي للغذاء سريعاً وبالأخص من الوجبات السريعة الجاهزة حتى
انني لم اعير لها أي اهتمام بخصوص ما طلبته منّي وما ابلغتني به بل شهيّتي جعلتني
أنسى كل شيء قيل لي إلا رسالة الشابة الرقيقة!
ثم
اتجهت للرد على رسالة أحد الشباب على فايبر وهو يطلب منّي الذهاب معهم للعب كرة
القدم مع باقي شباب الكنيسة ولكن ما ازعجني في رسالته هو الميعاد المبكّر المحدّد
للذهاب للّعب لذا اعتذرت فوراً وبلا تفكير، وبالتالي انتقلت إلى أخر شيء على هاتفي
وهو مكالمة لم يُرَد عليها من أحد خدام الكنائس ومن حُسن حظّي انه من الكنائس
المعروفة صاحبة الأعداد الضخمة والإمكانيات الهائلة والأنشطة الكثيرة والخدام
اللامعين، وقبل أن افكّر في جدول مواعيدي وانا اتحدّث إليه قبلت موعد الخدمة في
كنيسته بلا تفكير وإعداد، وكالعادة تذّيلت المكالمة بعبارات: تشرّفت .. سآتي
مبكراً .. الرب يبارككم .. شكراً لدعوتكم .. لا استحق محبتكم.
ثم
فكّرت أن انتفض وأقوم من سريري واذهب لأغسل وجهي وأسناني(نظراً لعزمي على الذهاب
لأحد الخدمات اليوم)،ثم فكّرت فوراً في الغذاء المُحضَر بيد أمّي بعد قليل.
وكالعادة ذهبت لغلاية الماء وملأتها لآخرها حتى تكفيني كل اليوم في جرعات الكافيين
التي اعتدت على تناولها كل 5 ساعات اذا شعرت بصداع او خمول واحياناً بعد الوجبات
الثقيلة.
بعد
ذلك فكّرت في الإعداد لخدماتي وعظاتي وفرص التسبيح التي سأقودها بكنائس واجتماعات
عديدة، وقبلها تذكّرت انني بحاجة لا لغسيل يدي بل لغسيل قلبي وفكري وتصفية كليتيّ
من الشوائب والترسبات الناتجة عن القلب الأخدع من كل شيء والنجيس،وفكر الحماقة
والنجاسة والسلبية والاستسلام للهزيمة والسقوط،لذا اتجهت مباشرةً لمخدعي واغلقت
بابي لكي أصلّي وفي الحقيقة شعرت بوجود الله خاصةً وأنا منحني على ركبتيّ وانظر
للعلاء من كوّتي المفتوحة أمامي،فابتدأت بتعظيم الله وتمجيده وشكره على مراحمه
واحساناته واحتماله لي وصبره عليّ وسيادته وإرادته الصالحة المرضية الكاملة،ثم
وجدت نفسي اعترف له وبكل صراحة وشفافية عن كل ما بي من عيوب وشوائب ونقص وتقصير
وضعف وهزيمة وكسر وتكبّر وغرور وفتور،ورأيت دموعي تُذرف على خديّ بصدق وبأمانة
مصارعاً إياه كي لا يتركني قبل أن يتحدث إليّ ويطهّرني ويقيمني من الضعف والسقوط
واليأس والفشل،ثم اخذت كتابي المقدّس وانا ساجِد وفتحته على 2تيموثاوس 1: 7
و2كورنثوس 2: 14 فعزّاني وشجّعني الله وعلّمني بأنه لم يعطنا روح الفشل بل القوة
والمحبة والنصح، وايضاً انه يقودنا في موكب نصرته في المسيح.فنصرتنا ليست فينا بل
في الاتكال والاعتماد عليه والثقة فيه فهي مكانة وليست حالة مؤقّتة، فتعامل الله
مع ضعفي وجهلي وكآبتي بتشجيعي وتعزيّتي وخاصة بتصحيح مفاهيم مغلوطة في ذهني عن
النصرة الحقيقية.ولم أنسى هذا اليوم حتى وقت كتابة روايتي،وأطالب الله كل يوم في
خلوتي ببركات وكلمات وتشجيعات وايضاً توبيخات ومراحم جديدة لكل صباح،وتعوّدت
واقتنعت ألا أكتفي بكلمات الأمس أو أوّل أمس أو بتعزيات وتشجيعات السنين الماضية
من إيماني بل اتغيّر كل يوم لكي أكون على صورته واتغيّر عن شكلي بتجديد ذهني دون
أن أشاكل نظام هذا العالم في شيء لكي أختبر إرادة إلهي الصالحة المرضيّة الكاملة
واتجرّد من إرادتي واختياراتي الخاطئة والأنانية والفاسِدة.
ثم
قُمت لأفتح لأمي باب الشقة بعدما رن جرس الباب، وسلّمت عليها، وتناولنا الغذاء
معاً، ولأوّل مرة أشاركها بتجربة اختبارية روحية وجودية جديدة لي اليوم في خلوتي،
فشجّعتني قائلة(بالعاميّة):ولسّة،ربنا عنده ليك كتير، بس اقعُد معاه واقرا في
كلامه،واكشف نفسك قدامه،وماتتشتتش وانت معاه بأي فكرة وأي حاجة تانية،خليك مشغول
بيه دايماً.
بعدها
تناولت الكافيين،وذهبت لمكتبي لإعداد الخدمات وفترات القيادة والعبادة، وشغلني
الله لأتحدّث لشعب الرب في خدمة الأحد عن الأقليات التي يعمل بها الرب ويستخدمها،
والقليل الذي للصديق، وانه لازال يخلّص حتى لو انقرض التقي وانعدم الامناء(في
نظرنا) من بني البشر، ولكنه يطلب عمّال وبنّائين وقبلها يطلب طائعين ومؤمنين.
وشغلني الله بأكثر من موضِع بالعهد القديم والجديد عن تلك الفكرة لتشجيع المؤمنين
على العمل مع الله حتى في حالة الفتور الروحي العامة، وحتى في الانحدار الاخلاقي
والروحي عند الأغلبية، وانه لازال هناك شهود أمناء واتقياء له، فهو لا يُعدَم له
وسيلة، ولا يترك نفسه بلا شاهد، ولكنه طالب ساجدين بالروح والحق لكي يستطيعوا
بعدها بعبادة الحياة أن يخدموه بأمانة بلا فصام أو رياء أو نفاق أو مزاجية، بل
بقلب كامل ساجد متّضع ينبض ويعمل طائعاً لأوامر الله وبنفس راغبة لحبّه والعمل معه
قائلة: احبه، لأنه أحبّني أولاً. ولكن علينا أن نطلُب من رب الحصاد،في الحصاد
الكثير، أن يُرسِل فعلة لحصاده.وهو قادر أن يقيم من الحِجارة أولاد لإبراهيم، فلا
داعي للقلق والارتباط والإحباط واليأس والفشل والخوف والنقد الذي يهدم والسلبية
والكسل.
وكتبت
أفكاري ونسّقتها وارشدني الرب لترتيب الافكار بتسلسل ومنطقية مع مقدّمة لوصف
الحالة الحاضرة ومع ختام الموضوع بآية بها تحريض وتشجيع للمؤمنين للنهضة والصحوة
الروحية،وبعدها صلّيت طالباً من الله قلباً مستقيماً ولساناً حكيماً وإلقاءاً
مناسباً بقيادة الروح القدس لبناء الجسد الواحد.ثم قمت من على مكتبي لأرد على
اتصال هام وخطير من أحد أفراد أسرتي..
ربنا يباركك ويزيدك اكتر ويملاك من محبته ونعمته الواضحة فيك ويجعل اهدافك تكون لكل شاب يحب الله ويريد خدمته بامانة ربنا يجعل من ولاده شهود امناء بحق
ردحذففنصرتنا ليست فينا بل في الاتكال والاعتماد عليه والثقة فيه فهي مكانة وليست حالة مؤقّتة ,اكثر من رائع سام الرب يباركك وننتظر الأجزاء القادمة وليعطيك الرب فهماً في كل شيء.
ردحذف