ارسل لكم تحياتي من أمام مكتبي و من خلال
مدونتي التي اعتدت ان اصارحكم و اكتب لكم من خلالها فهي مجرّد نافذة لي للتعبير عن
رأيي و مصارحتكم و مشاركتكم بكل ما يهمني و يشغل تفكيري دائماً, وبالرغم من
انشغالي بالدراسة في هذا الصيف نظراً لامتحانات البكالوريوس بالطب في هذا العام
لكني فضّلت ان اكتب لكم في وقت فراغي وباختصار عن ما اقرأه واتصفّحه في أوقات
فراغي و اخترت " بين التديّن والايمان, وملاذ الانسان" كعنوان يشرح
فكرتي التي قرأت الكثير عنها في الفترة السابقة امثال كتب: اللاهوت العربي –
دوامات التديّن (يوسف زيدان) – ايماني (الياس مقار) – القضية الايمان (لي ستروبل) –
الله (عباس العقاد) – مُلاك الحقيقة المطلقة (مراد وهبة) – الله (عوض سمعان), وبعض
التدوينات والمقالات المختصة في هذه المواضيع, و سأكتب لكم بايجاز عما استنتجته و
عن رأيي فيما يختص بالتديّن و الايمان وملاذ الانسان الحقيقي.
يقول كارل ماركس: "الدين افيون
الشعوب"
ويقول نيتشه: "المتعصبون صور فاتنة للعامة، لأن البشر يفضلون
رؤية إيماءات تافهة بدلاً من أن يسمعوا صوت العقل."
ويقول هو ايضاً:
"هناك اوثان في هذا العالم أكثر من الحقائق"
ويقول يوسف زيدان: "التأويل اللازم لكل نص ديني هو الذي يجعله نصاً دينياً، فان كان النص
لا يقبل التأويل فهو نظرية ما أو فلسفة ما، لكنه ليس ديناً"
ويقول علي
شريعتي: "الدين جاء لتأمين مصالح الإنسان لا لاستغلاله واذلاله"
ويقول ابن
سينا: "ينقسم العالم إلى رجال لديهم عقل دون دين ورجال لديهم دين دون عقل."
ويقول دالاس
ويللارد: يلجأ البعض لعقائد سياسية
أو دينية أو ثوابت علمية تساعده كرواس لسفينة حياته التي تبحث عن مرفأ.
و يوجد الكثير من الاقتباسات الرائعة التي قرأتها
لكن اكتفي بتلك التي ذُكرت كي تكون داعمة لوجهة نظري ورأيي عن التديّن و الايمان
وملاذ الانسان.
سبق وكتبت بتدوينة عن شبح التديّن ووصفته بالخدعة
التي قد تبدو انها تملأ فراغ قلوب البشر, و وصفته بالشبح الذي يخترق كل المجتمعات
الجاهلة والضعيفة والفقيرة لسد حاجة القلب والنفس ولتحسين الصورة الذاتية
والخارجية لكل شخص امام الاخر.
وكتبت ايضاً في احدى تغريداتي على تويتر:
"لا يقدر أحد أن يخدم سيدين, اما الله أو الدين" واقصد بذلك ان الدين
اصبح سيداً قاسياً على حياة البشر فانه يفرض عليهم طقوس وفرائض ومعتقدات وافكار قد
تبدو غير منطقية ولا يجد لها هذا الدين أي اجابات لكن اتباعه يعتنقونه بلا عقلانية
وتفكير فهو سيد قاسي يتخذ أسلوب الثواب والعقاب في كل ممارساته حتى تمارسها
وتطبقها بأكمل وجه وبذات الصورة التي يفرضها رجال هذا الدين وكتبه المعتمدة التي يقرأها
اتباعه حتى ان هذا الدين ربما يفرض عليهم عدم قراءة أي كتب أخرى تعارضه ويكفّر ويحرّم
ويعاقب كل من يقوم بهذا الفعل.و كنت أقصد من هذه المقولة بأنه لا يقدر أحد أن يخدم
سيدين اطلاقاً في حياته فهناك يوجد الله الواحد الحي المعبود الذي يُثبت العلم وكلمة
الله وجوده دون تناقض أو اعتراض وسبق لي وتحدثت واقتبست الكثير من أقوال العلماء
بتدوينة سابقة بعنوان "هل الله مجرّد شخصية أسطورية؟" وكتبت الكثير عن
هذا الموضوع, فلذلك هناك من يخدم سيده وهو الله ويعبده عن علم ومعرفة,وهناك من
يخدم ديناً بعينه ويتمّم طقوسه وفرائضه وعباداته وأعياده وممارساته دون عقلانية,
فالأديان من صنع البشر ومن لا يوافقني في ذللك عليه حق الرد واثبات النقيض.
اخيراً, هل توجد ديانة واحدة هي الصحيحة أو
نستطيع أن نجزم بأنها "الحق"؟
هذا السؤال ليس في محله, فبعد قولي بأن الاديان
من صناعة البشر لا يجب أن تكون هي الحق والطريق الصحيح الى الله, فالله لم يفرض
على البشر أي ديانة ليعتنقوها بل انه يعطي الانسان الحرية و الارادة في اختيار الحق
ومعرفة الحق وعبادة الاله الواحد الحي الحقيقي المحب الرحيم الخالق المتسلّط على
كل شيء والقادر على كل شيء,وعبادته ليست اجباراً وليست بلا وعي, بل باختيارك وبعقلانية
تامة بعد اخلاص في البحث عنه والايمان به وبوجوده وبكلمته.
اذا, فما هي الديانة الصحيحة؟
يقول الوحي في الكتاب المقدس في رسالة يعقوب:
"الديانة الطاهرة
النقية عند الله الآب هي هذه: افتقاد اليتامى والأرامل في ضيقتهم، وحفظ الإنسان نفسه
بلا دنس من العالم" ( يع 1: 27 )
هذه هي الديانة
الطاهرة النقية عند الله, هي فعل الخير, هي الالتزام بمباديء الانسانية, هي الحب,
هي العفة والطهارة و سمو الاخلاق.
في النهاية أود أن
ارسل هذه الرسالة:
اذا كنت متديّناً و
ينطبق عليك ما كتبت الان, فانظر لئلا تكون متديناً لا مؤمناً عن اقتناع واخلاص
ومعرفة وبحث بما تؤمن به وبما يناقضه. ولكن اذا وصلت للتطرّف والتشدّد والتحزّب ومعاداة
الرأي الاخر وتكفير الخارج عن معتقدك فأنت في مكان غير صحيح, فكّر و اعمل عقلك و
ابحث عن الحق والنور و اتخذ الطريق الصحيح الذي يقود الى الحياة الذي لا يُعادي
مباديء الانسانية ولا يقلّل من شأن انسانيتك ولا يحثك على العنف والقتل والطائفية والنجاسة
و الجهل والظلمة.
يقول الله لكل انسان
في سفر التثنية بالتوراة: قد جعلت قدامك الحياة والموت، البركة واللعنة، فاختر الحياة
لكي تحيا أنت ونسلك)
(تث 15: 19).
هذا هو الله الحي الحقيقي, هو لا يُجبِرك على
اعتناق فكرة أو معتقد, هو لا يفرض عليك طريق أو أسلوب حياة, لكنه يضع أمامك حرية
الاختيار للطريق الذي تريد أن تسلكه, امامك الان طريق الحياة وطريق الموت, والبركة
و اللعنة, ويُشير عليك أن تختار الحياة لكي تحيا.
لا تقبل أن تحيا معادياً للانسانية, معادياً
لأخيك, معادياً لفكر أو معتقد ما.
لا تقبل أن تحيا مُغيّب العقل, شارد الذهن,
متحيّر وقلق.
لا تقبل أن تحيا جاهلاً سائراً بالظلام
الحالك, لكن ابحث وفتّش عن النور, ولاتقبل الباطل, فالحق يُحرّر.
انه ملاذ الانسان, الحق الذي يُحرّر.
Samfikry.com
رائع
ردحذفربنا يبارك خدمتك ووقتك
coptic-books.blogspot.com