لست
لاهوتياً أو باحثاً أو فيلسوفاً معاصراً, لكنّي مجرّد قاريء و كاتب فقط بأوقات
فراغي القصيرة نظراً لدراستي الجامعية للطب البشري و صعوبتها, وفي هذه الأيام
سأقوم بنشر تدوينات يومية عن اسئلة كثيرة تدور في أذهاننا عن الله و وجوده و صفاته
و عن الايمان و عن الحياة الروحية الصحيحة بأسلوب جديد و مشوّق في كتابته و أعدكم
باضافة اقتباسات المختصين بهذه المواضيع من كل الكتب و المواقع و اعدكم بالجراءة و
الصراحة مع الاختصار و ايجاز الحديث مع الترتيب و التسلسل للأفكار.
و
سأبدأ اليوم بسؤال طرحه أحد اصدقائي المقرّبين لي قائلاً " اين ظهر عدل الله
و رحمته في الصليب؟ وكيف انه لم يرحم ابنه؟" و سأجاوب على هذا السؤال الان
وباختصار مع تسلسل الأفكار.
1 –
في البداية ما هو تعريف "العدل" و "الرحمة"؟
العدل:
الأمانة، الحياد، استخدام السلطة لإعلاء الحق؛ تطبيق القانون؛ إعطاء الحقوق لأهلها- نقيض
(الظلم)، والذي هو: وضع الشيء في غير موضعه ويعني حرفياً الإجحاف أي إعطاء الناس
أقل مما يستحقونه - الاعتدال والاستقامة وهو الميل إلى الحق.
الرحمة:
علاقة مقطوعة نسعى لأعادة بناءها من جديد - أرجاع الميت
الى الحياة من جديد.
2 – يجب أن نتأكّد من أن صفات الله
مطلقة و متساوية فلا توجد صفة تغلب صفة, ولا توجد صفة غير كاملة.
3 – عدل الله ورحمته تبيّنوا منذ
البدء(الأزل)ففي سفر التكوين يتحدّث الخالق للمخلوق عن القوانين الالهية التي
وضعها لحياته دون العبودية و القيد بل ترك له حريّة الاختيار و حذّره من نتائج و
عواقب عصيانه, فأمره بعدم الاقتراب و الأكل من شجرة معرفة الخير والشر فعندما يأكل
منها موتاً يموت,وهنا نستنتج بأن الله وضع القانون و اعطى الانسان حرية الاختيار و
حذّره من الوقوع في الخطأ و العصيان و اعلمه بنتيجته وهي الموت أي الانفصال عن
الله (الموت الروحي), وعندما أخطأ ادم و حواء نفّذ الله حكم الموت عليهما فطردهما
من الجنة, و فقدوا براءتهم و طهارتهم وكمالهم و حريّتهم و سلطانهم على كل شيء فالانسان
خُلق على صورة الله وياله من امتياز له و تميّز بعقله و روحانيته, ولكن فقدوا كل
الامتيازات بعصيان الله باختيارهم وقبولهم لخداع الشيطان و اغواءه و بعدها شعروا
بعريهم و خزيهم, لكن الله في رحمته صنع لهم أقمصة من الجلد لتغطيتهم ونادى ادم و كلّمه
بالرغم من عصيانه و كسره لوصاياه لكن الله في رحمته خلق الانسان للتواصل معه و
أعطى له كل الامتيازات لكن الانسان عصى الله باختياره فيالها من رحمة أن يسعى الله
لتغطيتهم و يصنع لهم أقمصة من جلد في عريهم وخزيهم و يتحدّث اليهم.
4 – عدل الله و رحمته في حديث
"ابراهيم" مع الله عن "سدوم وعمورة": في سفر التكوين ايضاً
يكتب الوحي عن طريق "موسى" بأن "ابراهيم" خليل الله تحدّث مع
الله عن النفوس التي تعبده و تؤمن به في سدوم و عمورة و طلب منه ان يغفر لهم و
ينقذهم هناك بالرغم من شر الاخرين و فسادهم و عصيانهم لله, فوعد الله ابراهيم و
اقر برحمته لهؤلاء من يحبونه و يتبعوه و يؤمنون به بالرغم من فساد الاخرين لكنه
يرحم و يترك فرصة اخرى لكل الرافضين تبعيّته و الايمان به و لكن في عدله يُهلك من
يعصيه و يرفضه و يكسر وصاياه.
5 – عدل الله و رحمته في أيام
"يونان" النبي: تحدّث الله لنبيّه يونان عن شر "نينوى" وانه
مزمع أن يُهلكها بسبب شر الانسان و فساده, ففي عدله يهلك الانسان الذي يحيا في شره
بعيداً عن الله ويرفض الرجوع و التوبة و الايمان, ولكنه في رحمته أعد لهم حلاً
بديلاً بارساله لنبيّه يونان ليرسل لهم رسالة تحذير و تنبيه عن حالتهم الرديئة في
شرهم و ابتعادهم عن الله, وبعد سماعهم الرسالة تابوا جميعاً من الصغير للكبير و صلوا
و رجعوا الى الله معترفين بذنوبهم و رحمهم الله و لم يهلكهم لأنهم تابوا و رجعوا,
فهو اله الفرصة الثانية, لا يرفض احد بل يحب و يقبل الكل حتى القتلة و الزناة و الفاسدين
و الظالمين و الاشرار و المتكبرين.
6 – عدل الله و رحمته في الصليب: في
عدله كل انسان خاطيء و شرير هو منفصل عنه و نهايته الموت و الهلاك الأبدي بسبب
نجاسته و خطيّته و عصيانه لله, لكنه في رحمته وضع خطة منذ الأزل لفداء البشرية و
كان هو المُعد و المنفّذ, فتجسّد الله في صورة الانسان و عاش بيننا كانسان كامل
بلا خطية و ايضاً اله كامل لينوب عنّا و يحمل عقابنا و يفدينا من اثامنا, فمن أجل
هذا جاء و تعذّب و تألّم حتى الموت على الصليب ثم قام ليبرهن على الوهيته و كمال
عمله, وهذا الأمر مؤكّد تاريخياً و ايضاً بالوحي المقدس بكلمة الله في العهد
القديم بالنبوات و في العهد الجديد بشهود العيان فلا داعي للتشكيك فيه, فبالرغم من
ان في عدالته يموت الانسان و يهلك وينفصل عن الاله القدوس بنجاسته و عصيانه لله,
لكنه أعد خطة بديلة ليعيد العلاقة و الاتصال بين الله و الانسان في المسيح الله
المتجسّد القادر على كل شيء الذي جاء ليفدي و يخلّص كل من يؤمن به و بحبّه الالهي,
اذا ففي الصليب ملتقى الرحمة و العدل و رسالة الاله المحب.
7 – اخيراً, لن تقدر على تصديق كل
هذه النقاط اذا لم تصدّق الكتاب المقدس و صحته و تجسّد المسيح, ولكنك اذا طلبت من
الله نفسه اظهار ذاته لك و اظهار الحق و اجتهدت في البحث عن الحقيقة في الكتب و
التاريخ ستصل لمعرفة الحق فالحق هو الله ذاته, فلا تتكاسل في البحث عن الاقتناع و
الايمان بالحق, و اعمل عقلك و كن مخلصاً لله في صلاتك امامه كي يظهر لك الحقيقة
فتتغاضى و تعترف بكبريائك و استقلالك عن الله و رفضك له و تعترف بكل ذنب ارتكتبه
في حقه و بكل خطيّة قمت بفعلها و تصدّق و تؤمن برحمته لك و بحبّه و بغفرانه بواسطة
الصليب الذي سُفك فيه دمه لتطهيرك و غسل قلبك من كل اثم. الله يحبك.
تعليقات
إرسال تعليق
شاركني تعليقك و رأيك فيما قرأت , رأيك مهم جدا I need your Comment!