في الوقت الذي انعدمت فيه الابتسامة, في
الوقت الذي اندثر و انقرض الأمل و التفاؤل, في الوقت الذي تشتد فيه درجة الاحباط و
اليأس و الفشل, سأكتب لكم قليلاً عن الابتسامة المفقودة و سببها و علاجها باختصار.
يبحث الانسان منذ خلقه على مصادر للسعادة و
الفرح الحقيقي, يبحث و يُجرِّب كل شيء و يبحث عن المتعة و الشبع الحقيقي, فكثيراً
ما يلجأ للمعرفة و العلم و الثقافة ليبحث فيهم عن سعادة و فرح ولكنه لا يجد فيهم
الفرح ,فكما قال سليمان الحكيم في سفر الامثال الذي يزيد علماً يزيد حزناً, وايضاً
كثيراً مايلجأ للمال و الجمع و التكويم و العمل الجاد الشاق والذي قد يصل الى 20
ساعة يومياً دون الراحة ليجمع ثروات ضخمة قناعة منه في انها تجلب له السعادة ولكن
تُعلّمنا كلمة الله بأن محبة المال أصل لكل الشرور و لايقدر احد أن يخدم سيدين اما
الله او المال, فلا سعادة في جمع و تكويم المال فربما يجلب القلق و الاضطراب و
الارهاق على الانسان و ربما يسلبه الطمأنينة و الصحة الجيدة. وكثيراً ايضاً ما
يلجأ للسعي وراء المناصب و المؤهلات العليا ويعتقد بأنها تجلب له الفرح المفقود
فيسعى للمناصب العليا و يصل اليها احياناً ولكنه لايجد فيها الا المسئولية الشاقة
و النقد و الاعتراض دائماً ممن يترأسهم و احياناً يكون مُعرّض للاغتيالات و الانتقام
من معارضيه فلا سلام و فرح و سعادة في المناصب و المؤهلات العليا مهما ارتفع شأن
الانسان, و كثيراً ما يلجأ للعلاقات و الصداقات مع الاخرين قناعة في انهم
سيتفاهمون معه و يشعرون به و يكونوا له مصدراً للسعادة و الفرح و البهجة, ولكن لا
نرى في الايام الحالية سوى تعدّد الخيانات التي بين الاصدقاء و ايضاً اصبحت
العلاقات و الصداقات فقط للنفعيّة و الربح و المصلحة الشخصية, و الحب اصبح مغلوط
فالكل يُحب للأخذ و ليس للعطاء, العلاقات اصبحت مشوّهة و مُزيّفة و نفعيّة و لا
تجلب للانسان السعادة التي يبحث عنها و لا تشبعه. و اخيراً الاعتماد على الأهل و
الاقارب و التعلّق بهم و أمور اخرى كثيرة يلجأ اليها الانسان لم ولن تنفع أن تكون
مصدراً لسعادته التي يبحث عنها و ابتسامته المفقودة.
اذاً, فما هو العلاج؟!
العلاج يبدأ من القلب, فالقلب الفرحان يجعل
الوجه طلقاً, فكيف يكون فرح القلب؟
القلب يفرح عندما يُشفى من عذاب الضمير,
عندما يتصالح مع الله, عندما يتطهّر و يتنقّى من كل شوائب الخطيئة, عندما يتغيّر
تغيير الهي كامل, عندما يطلب الله و رحمته و غفرانه بتوبته القلبية الحقيقية و
يعترف بكل ذنوبه ولا يُبرّر ذاته أمام الله و لا يحيا بعيداً عن خالقه و مصدر شبعه
الوحيد.
اذاً, هي رسالة لك و لي, اطلب الله فهو مصدر
سعادتك و شبعك الوحيد, لا تتكل على الرؤساء, لا تتكل على الظروف المحيطة بك, لا
تتكل على المال و الشهوة و الجاه, لا تتكل على الاصحاب و الاقارب, لا تتكل على
ذاتك, اتكل على الثابت القدير الحكيم, اتكل على القادر أن يُغيّر داخلك و يقبلك و
يرحمك, هو قادر أن يُنجيك من الهلاك و عذاب الضمير و الشعور بالذنب, هو قادر أن يعيد
لك ابتسامتك المفقودة, هو قادر أن يُعيدك للانسانية التي على صورته.
الله معك.
سام
11 – 3 – 2013
Samfikry.com
تعليقات
إرسال تعليق
شاركني تعليقك و رأيك فيما قرأت , رأيك مهم جدا I need your Comment!