التخطي إلى المحتوى الرئيسي

بَلبَلة نهائية - سام

تحياتي لكل المتابعين و الاصدقاء الأعزاء, اعترف بتقصيري في التدوين و الكتابة لفترة طويلة لانشغالي بالدراسة و قراءة بعض الكتب الهامة و ايضاً لانشغالي بدراستي بكلية الطب, و لكنّي أعود لكم اليوم بموضوع شيّق و هام و يستحق القراءة و ما هو الا وجهة نظر مُختصرة عما يحدث من حولي و حولك, و ما عليك الا التأنّي و القراءة و التفكير و التعليق.
في وجهة نظري البسيطة اعتقد ان ما يحدث حولي و حولك هو غربلة و تصفية نهائية أخيرة و لا يُحتمل الانتظار أكثر من هذه اللحظات التي وصل الحال بنا فيا الى الاكتئاب و الاضطراب و ازدياد القلق و المعاناة من الديكتاتورية و الجهل و انعدام الأخلاق و المباديء و عدم قبول الأخر, و ازدياد مُعدّل الجريمة و الشر و الفساد في كل مجالات الحياة, لكنّي أدعوك لمشهد قصير حدث منذ قديم الزمان و يشتهر في التاريخ بواقعة " برج بابل ", لا يهمني اذا كنت تعرفها أم لا تعرفها, لكنّي باختصار أوضّح لك ان البشرية في القديم كانت بلغة واحدة تتحدّث و اختلف العلماء في اللغة اما كانت السريانية/ الكلدانية أو العبرية, بعد حادثة الطوفان الشهيرة و بعد تناسل نسل نوح الذي عاش بنجاته من الطوفان كان لابد أن البشرية تتّعظ و تعتبر مماحدث لأسلافهم و لكن ما حدث في هذه الواقعة ان البشر في القديم اختاروا ارضاً ليسكنوا فيها و يبنوها لأنفسهم و يصلوا بها الى السماء و يصنعوا اسماً لأنفسهم و كان الأمر لهم بمثابة مأمن و ملاذ بشري أما تأديبات الله, و لم يكُن الشر في بناء أو تدشين العمل و لكن في غرضه و هو حُب الذات و الابتعاد عن الله و اغفال عهوده و مواعيده و وصاياه التي أوصى بها اباهم نوح و ما سمعوه و رأوه من اثار للطوفان بكل الأرض الذي كان سيرُد نفوسهم و سينخُس قلوبهم للرجوع الى الله و الارتباط بالحُب الالهي و الرحمة الالهية و العدالة الالهية , و في الله لهم الحصن المنيع و الملجأ و الملاذ الأبدي من الهلاك و الدينونة و لهم اسماً و كرامة و قيمة أفضل لا يعطيها لهم البشر او انجازاتهم.
فبسبب الكبرياء و التعالي و اجتهاد الانسان في خلاص نفسه بنفسه و الاستقلالية التامة عن الله حدثت البلبة للألسنة البشرية التي تَبني هُناك فبددهم الله على وجه كل الأرض و كفوا عن بنيان المدينة. و لذلك دعي اسمها بابل لأن الرب هناك بلبل لسان كل الأرض.
في الختام حتى لا أُطيل عليكُم, هذه قصّة حقيقيّة تاريخيّة شهيرة توضّح لنا نتيجة حتمية و قاسية لكل من يتكبّر و يتعالى على الخالق الواحد العظيم القادر على كل شيء, و كُل من يعتمد على قدرته الذاتية في تغيير نفسه و خلاص نفسه و يؤمن ببره الذاتي و عدم حاجته للتغيير,
ان البلبلة الحادثة من حولنا و الهياج الواضح و الفوضى و الاعلام الموجّه و المُفرّق للناس و التصريحات السياسية و الدينية الطائفية ما هي الا صور بسيطة للبلبلة التي حدثت بالقديم التي يصدُر منها صوت و نداء الله لكل انسان يحيا على وجه الأرض حيث يقول الله "بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيء" ,و يقول ايضاً " اني أُريد أن جميع الناس يخلِصون و الى معرفة الحق يقبلون" , و ايضاً " يقاوم اله المستكبرين أما المتواضعين فيعطيهم نعمة", و " تواضعوا تحت يد الله القوية فيرفعكم في حينه" .
هلما لنتضع و نحزن الحزن الذي بحسب مشيئة الله الذي يُنشيء توبة لخلاص كل خاطيء و مُذنب, هلما لنُلقي بأحمالنا و أوجاعنا على من يقدر أن يتحمّلها, هلُما لنرجع لكلمة الله و نعرف الحق فلا نضظرب بريح التعاليم و تعدد المذاهب و المعتقدات, هلما لنُفتّش عن الله و نطلبه فهو ليس عنكَ و عنّي ببعيد.
ان ما حدث من بلبلة للألسنة إنما جاء ليفضح البلبلة الداخلية، حتى متى ارتبك الإنسان بسبب البلبلة ينظر إلى الداخل أولًا طالبًا وحدة لغة القلب والروح قبل وحدة لغة اللسان الظاهر.

الله معكم.
Samfikry.com
سام

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدروس المستفادة من صليب المسيح - سام

فكرت في صباح امس ما هي الدروس التي لابد ان تظهر على المؤمنين المسيحيين الحقيقيين المدركين و المصدقين في صليب المسيح و عمله الكامل الكفاري لفداء الانسان الخاطيء الاثيم فكتبت هذه الافكار و سأطرحها في هذه التدوينة باختصار في بعض النقاط السريعة و اتمنى ان تكون بركة للكل ,, 1 - الغفران : - يعني مسح , نظافة , عفو , محو الدين , نسيان - لا يُمنح لشخص مستحق  - امثلة : مثل ما فعل المسيح على الصليب و غفرانه للذين اساءوا اليه و ايضا القديس استفانوس الذي غفر للذين رجموه في صلاته الله ارسل ابنه (المسيح) لكي يمنحنا الغفران الكامل للخطية و عقابها و هو الموت الروحي اي الانفصال عن الله و الهلاك و العذاب الابدي في النهاية - مقياس غفراننا للاخرين : كما غفر لنا المسيح - غير محدود  2 - اللطف - الشفقة - التسامح : - اللطف و الشفق : تعني الرقة و الترفّق و معاملة الاخرين بدون قسوة و خشونة و حدة , تعني ايضا تخفيف الام الناس ببشاشة الوجه و بالكلام الطيّب الرقيق المشجّع  - التسامح : عفو و حُلم - بقوّة و بدون خنوع - دون ان اتخلّى عن حقوقي - هدفهم : لأربح الاخر و ابيّن التغيير الحقيقي الذي حد...

سفر نشيد الانشاد مُوحى به من الله - مقدمة مختصرة للتوضيح

اعترف باني اقوم بتجميع هذه المعلومات و انقلها باختصار و ايجاز من شراح و مفسرين ومعلمين الكتاب المقدس و مصدري الوحيد للمراجعة هو الكتاب المقدّس المُوحى به من الله و ساكتب لكم المصادر في اخر التدوينة,, اعدكم بالايجاز و تبسيط المعلومات و ترتيبها حتى نصل للهدف الاساسي و هو شرح هدف السفر و وضع مقدمة عنه و معرفة كاتبه و شرح المفاهيم الصعبة فيه و الشُبهات الوهمية,, 1 - اسمه نشيد الأناشيد ، وأغنية الأغنيات ترجمة إسم هذا السفر في الإنجليزية : The Song of Songs. أي أنه لو اعتبرت جميع الأناشيد كلاماً عادياً، يكون هذا السفر هو نشيدها وأغنيتها.. كتبه سليمان الحكيم شعراً - هو السفر الثاني والعشرون من اسفار العهد القديم، وخامس الاسفار الشعرية ويسمى احياناً نشيد سليمان , كتب هذا السفر سليمان الحكيم، الذي وضع أناشيد كثيرة (1 مل 4: 32) 2 - الروحيون يقرأون هذا السفر، فيزدادون محبة لله. أما الجسدانيون، فيحتاجون في قراءته إلي مرشد، لئلا يسيئوا فهمه، ويخرجوا عن معناه السامي إلي معان عالمية 3 - سفر النشيد يتحدث عن المحبة الكائنة بين الله والنفس البشرية، وبين الله و الكنيسة ، في صورة الحب الكائن بين عريس وع...

مقولة من "السؤال الذي لا يغيب"-فيليب يانسي

- "رغم أن المأساة تجعلنا نتساءل بحقّ شأن الإيمان، فإنها تؤكّد الإيمان أيضاً. حقاً إنها أخبار سارة أننا لسنا منتجات فرعية غير مُخطط لها لكون غير شحصي، بل خلائق إله مُحب يريد أن يعيش معنا إلى الأبد." ‫‏ - الحزن‬ هو المكان الذي يلتقي فيه الألم والمحبة. - نحن نصرخ إلى ‏الله‬ ليفعل شيء من أجلنا، في حين أن الله يفضّل أن يعمل في داخلنا وجنباً إلى جنبٍ معنا. - ‏المعاناة‬ أفضل كتاب في مكتبتي. فيليب يانسي