التخطي إلى المحتوى الرئيسي

1 - " ثورة الهيكل " - سام



كما وعدتكم,
اني سأستمر معكم على مدونتي لمدة اسبوع كامل سأدوّن فيه عن حياة المسيح و الاماته و صلبه و قيامته باختصار و في مقالات بسيطة و دروس عملية واقعية روحية,فانتظروني كل يوم
اليوم, بداية الاسبوع التدويني, فسأبدأه معكم بتدوينة " ثورة الهيكل " و قررت ان ابدأ بها بما اننا نحتاج لهذا النوع من الثورات الروحية التي اصلّي من كل قلبي الى الله ان تكون سبب بركة و تغيير لحياتنا جميعاً بقوة الله,

في عددين من اصحاح 11 من انجيل مرقس بالكتاب المقدّس سأتحدّث باختصار عما تكلّم به و كتبه الوحي عن طريق القديس مرقس عن دخول المسيح الهيكل و تطهيره بأورشليم,و اعرف جيداً انها قصة معروفة و محفوظة لمعظم القُراء و لكن فيها لنا دروس و معاني عظيمة لنا اليوم,

- المقطع كما ذُكر في الكتاب المقدّس : "وَجَاءُوا إِلَى أُورُشَلِيمَ. وَلَمَّا دَخَلَ يَسُوعُ الْهَيْكَلَ ابْتَدَأَ يُخْرِجُ الَّذِينَ كَانُوا يَبِيعُونَ وَيَشْتَرُونَ فِي الْهَيْكَلِ، وَقَلَّبَ مَوَائِدَ الصَّيَارِفَةِ وَكَرَاسِيَّ بَاعَةِ الْحَمَامِ, وَلَمْ يَدَعْ أَحَدًا يَجْتَازُ الْهَيْكَلَ بِمَتَاعٍ, وَكَانَ يُعَلِّمُ قَائِلاً لَهُمْ: «أَلَيْسَ مَكْتُوبًا: بَيْتِي بَيْتَ صَلاَةٍ يُدْعَى لِجَمِيعِ الأُمَمِ؟ وَأَنْتُمْ جَعَلْتُمُوهُ مَغَارَةَ لُصُوصٍ»"

- الاصل التاريخي للقصّة: "كان الصيارفة والتجار يقومون بأعمال واسعة في أيام الفصح. فالذين جاءوا من بلاد أجنبية كان عليهم أن يستبدلوا عملتهم بالعملة اليهودية، فهي وحدها كانت العملة المقبولة لدفع ضريبة الهيكل ولشراء الحيوانات للذبائح. وكان سعر المبادلة المغالى فيه، سببا في إثراء الصيارفة. كما أن الأسعار الفاحشة للحيوانات أثرت التجار. وكانوا يتخذون من فناء الأمم في الهيكل مكانا لهم، مسببين الإحباط للذين جاءوا لعبادة الله من الأمم"
و لكن هذا ليس موضوعنا,

كنت اتوقّع اول كل شيء ان المسيح جاء لهذا المكان ليقدّم عظة مبهرة و يتكلّم كلمة للناس و كأي انسان يلفت الانتباه و يعجب الاخرين, و هذا حقه فهو المعلّم الصالح الوحيد و ليس غيره و الاخرون كلهم تلاميذه.
و كنت اتوقّع استضافة وقورة له بالطبول و الزمور و بالشوارع المفروشة بالذهب و بالورود و مهيّئة و منسّقة و منظمة و هادئة بما ان المسيح سيأتي اليها اليوم, ولكن هذا كله لم يحدث, حقاً المسيح لم يأتي ليُخدم بل ليخدم, لم يأتي ليقضي اوقات ترفيهية و مريحة, لم يأتي ليدعو الابرار بل الخطاة للتوبة, و طريقه منذ ولادته حتى موته مليء بالصعاب و الاشواك, فهو مرفوض من كثيرين من هذا العالم حتى الان, الى خاصته جاء و خاصته لم تقبله, كان في العالم و كُوّن العالم به و لم يعرفه العالم, عجبي على اتضاعك و حبك و اصرارك ياربي لفدائي و استمرارك في طريق الالم حتى الموت !
عند دخوله الهيكل وجد كل شيء ليس على ما يرام, الهيكل اصبح كالسوق للتجارة و للبيع و الشراء و الربح و الانتفاع و لكنه بيت عبادة و سجود و تعظيم لله و للاستمتاع بحضوره,
هذا الحال لم يرضيه و لم يسر قلبه و بهذا قام بثورة سجلها له التاريخ, ثورة روحية هدفها مجد الله وحده و الحفاظ على بيت الله و كرامته و دافعها الغيرة المقدسة على مجد الله,فاخرج البائعين و المشترين و قلب موائد الصيارفة و كراسي باعة الحمام, يا اسفاه,
نحن لسنا نلوم هؤلاء الناس فقط و لكننا ايضاً نلوم انفسنا و بالاخص انا كاتب هذه الافكار البسيطة و اعتقد اخرون مما يقرأون يلومون انفسهم معي, نلوم انفسنا في اننا كثيراً من الاحيان لا نعطي لله حقه في كل امور حياتنا و نمر بفترات استهتار و استهانة بوصاياه و كلاه و خدمته و لا نغير على مجده, يا لخيبتنا !
احياناً كثيرة نأتي كنائسنا و اجتماعاتنا لا لنمجّد الله و نوقره و نتعبد اليه, بل نأتي كعادة و كفرض علينا او للاستفادة بوقت الفراغ اليومي او لسماع الترانيم و الاصوات و الموسيقى المريحة و المؤثرة لمرنمين و عازفين معروفين و موهوبين,او لاستعراض مواهبنا و قدراتنا و امكانياتنا و مهاراتنا و تمجيد ذواتنا و ايضاً للاستماع لمتكلمين و وعاظ اصحاب الكلمات الرنانة و الجمل و المقولات المأثورة و القصص الدرامية و احياناً الكوميدية, و احياناً اخرى نأتي فقط لنلتقي بالاقارب و الاصحاب و لنقضي معهم وقت ممتع قبل و بعد الكنيسة, و التليفونات لا تُغلق  احياناً كثيرة الالعاب و الانترنت ايضاً لا تُغلق حتى بداخل الكنيسة !
يا اسفاه, لقد تحولت كنائسنا الى نوادي اجتماعية و سينمات و ساحات للعرض,نأتي فيها كمشاهدين و احياناً كممثلين, ارحمنا يارب!
عفواً , هذه الامور سر قلّة البركة في حياتنا الروحية, اين الحل؟!
قبل ان اعرض عليك الحل,و باختصار, ارى في هذا المثل تشبيه لما حدث في حياة كل من امنوا بالمسيح كمخلّص و فادي و اعترفوا بذنوبهم و اثامهم و امنوا بموت المسيح و قيامته و شفاعته الدائمة و طلبوا الغفران و العفو و الحرية من المسيح, فبهذا سكن روح الله القدوس فيهم ,و حين يسكن روح الله فلابد الامتلاء اليومي منه, فيجب علينا بهذا ان نفرّغ قلوبنا من الذّات و من اللّذات و الارضيات فنمجّد الله و نستمتع بحياة روحية ناجحة مثمرة مرضية عند الله.
هيا بنا لنثور على اوضاعنا المنحطّة و المُخزية في حياتنا الروحية مع الله !

ختاماً, صلّي معي هذه الصلاة و اعزم من قلبك على ان تتغيّر و سيعينك الله بقوته على هذا اذا اردت ارادة قلبية حقيقية,

ياربي و الهي و ابي الحبيبي,
يا قدوس, انت مخوف و مهوب و عظيم في كل طرقك و رحيم في كل اعمالك,
اجعل في قلوبنا غيرة مقدسة على بيتك الحقيقي الذي هو نحن فانت ساكن في قلوب من تبعوك و امنوا بيك و طلبوا خلاصك,
اجعل في قلوبنا قداسة و طهارة دائمة حتى نراك دائماً فبنقاوة قلوبنا سنراك, فانت تتقدّس في القريبين منك.
قدّسنا دائماً , سامحنا و ارحمنا على استهتارنا و ضعفنا و تقصيرنا و هواننا, فنحن عديمي الادراك و كثيراً ما قصّرنا في حقك و كنا لا نحترم حضرتك و وجودك و مقياس توقتنا انخفض,فنشطنا و قوينا و اعنّا و غيّر سلوكنا و افكارنا تجاهك فنعرفك انت وحدك الاله الحقيقي وحدك,
اقبل صلاتنا و توبتنا و رجعونا يا سامع الصلاة,
ليس لنا يارب ليس لنا, لكن لاسمك اعطي مجداً 
امين !

الله معكم,
سام
10 – 4 – 2012



تعليقات

  1. حلوه جدا يا سام ربنا يبارك حياتك وحياتنا كلناويملاها تأمل ونقاوه قلب فنعاينه ونمجد اسمه على الدوام. هاله حلمى

    ردحذف

إرسال تعليق

شاركني تعليقك و رأيك فيما قرأت , رأيك مهم جدا I need your Comment!

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الدروس المستفادة من صليب المسيح - سام

فكرت في صباح امس ما هي الدروس التي لابد ان تظهر على المؤمنين المسيحيين الحقيقيين المدركين و المصدقين في صليب المسيح و عمله الكامل الكفاري لفداء الانسان الخاطيء الاثيم فكتبت هذه الافكار و سأطرحها في هذه التدوينة باختصار في بعض النقاط السريعة و اتمنى ان تكون بركة للكل ,, 1 - الغفران : - يعني مسح , نظافة , عفو , محو الدين , نسيان - لا يُمنح لشخص مستحق  - امثلة : مثل ما فعل المسيح على الصليب و غفرانه للذين اساءوا اليه و ايضا القديس استفانوس الذي غفر للذين رجموه في صلاته الله ارسل ابنه (المسيح) لكي يمنحنا الغفران الكامل للخطية و عقابها و هو الموت الروحي اي الانفصال عن الله و الهلاك و العذاب الابدي في النهاية - مقياس غفراننا للاخرين : كما غفر لنا المسيح - غير محدود  2 - اللطف - الشفقة - التسامح : - اللطف و الشفق : تعني الرقة و الترفّق و معاملة الاخرين بدون قسوة و خشونة و حدة , تعني ايضا تخفيف الام الناس ببشاشة الوجه و بالكلام الطيّب الرقيق المشجّع  - التسامح : عفو و حُلم - بقوّة و بدون خنوع - دون ان اتخلّى عن حقوقي - هدفهم : لأربح الاخر و ابيّن التغيير الحقيقي الذي حد...

سفر نشيد الانشاد مُوحى به من الله - مقدمة مختصرة للتوضيح

اعترف باني اقوم بتجميع هذه المعلومات و انقلها باختصار و ايجاز من شراح و مفسرين ومعلمين الكتاب المقدس و مصدري الوحيد للمراجعة هو الكتاب المقدّس المُوحى به من الله و ساكتب لكم المصادر في اخر التدوينة,, اعدكم بالايجاز و تبسيط المعلومات و ترتيبها حتى نصل للهدف الاساسي و هو شرح هدف السفر و وضع مقدمة عنه و معرفة كاتبه و شرح المفاهيم الصعبة فيه و الشُبهات الوهمية,, 1 - اسمه نشيد الأناشيد ، وأغنية الأغنيات ترجمة إسم هذا السفر في الإنجليزية : The Song of Songs. أي أنه لو اعتبرت جميع الأناشيد كلاماً عادياً، يكون هذا السفر هو نشيدها وأغنيتها.. كتبه سليمان الحكيم شعراً - هو السفر الثاني والعشرون من اسفار العهد القديم، وخامس الاسفار الشعرية ويسمى احياناً نشيد سليمان , كتب هذا السفر سليمان الحكيم، الذي وضع أناشيد كثيرة (1 مل 4: 32) 2 - الروحيون يقرأون هذا السفر، فيزدادون محبة لله. أما الجسدانيون، فيحتاجون في قراءته إلي مرشد، لئلا يسيئوا فهمه، ويخرجوا عن معناه السامي إلي معان عالمية 3 - سفر النشيد يتحدث عن المحبة الكائنة بين الله والنفس البشرية، وبين الله و الكنيسة ، في صورة الحب الكائن بين عريس وع...

مقولة من "السؤال الذي لا يغيب"-فيليب يانسي

- "رغم أن المأساة تجعلنا نتساءل بحقّ شأن الإيمان، فإنها تؤكّد الإيمان أيضاً. حقاً إنها أخبار سارة أننا لسنا منتجات فرعية غير مُخطط لها لكون غير شحصي، بل خلائق إله مُحب يريد أن يعيش معنا إلى الأبد." ‫‏ - الحزن‬ هو المكان الذي يلتقي فيه الألم والمحبة. - نحن نصرخ إلى ‏الله‬ ليفعل شيء من أجلنا، في حين أن الله يفضّل أن يعمل في داخلنا وجنباً إلى جنبٍ معنا. - ‏المعاناة‬ أفضل كتاب في مكتبتي. فيليب يانسي